الأدب العربى >> الشعر >> العصر الحديث و المعاصر >> عبدالوهاب البياتي >> الموت في غرناطة >>
قصائدعبدالوهاب البياتي
- عائشةٌ تشقٌّ بطنَ الحوت
- ترفع في الموج يديها
- تفتح التابوت
- تُزيح عن جبينها النقاب
- تجتاز ألف باب
- تنهض بعد الموت
- عائدةً للبيت
- ها أنذا أسمعها تقول لي لبَّيكْ
- جاريةً أعود من مملكتي إليك
- وعندما قبَّلتها بكيتْ
- شعرت بالهزيمة
- أمام هذي الزهرة اليتيمة
- الحبُ, يا مليكتي, مغامرة
- يخسر فيها رأسَهُ المهزوم
- بكيتُ, فالنجومْ
- غابتْ, وعدتُ خاسرًا مهزوم
- أُسائلُ الأطلالَ والرسوم
- عائشةٌ عادت, ولكني وُضعتُ, وأنا أموت
- في ذلك التابوت
- تَبادَلَ النهران
- مجريهما, واحترقا تحت سماء الصيف في القيعان
- وتركا جرحًا على شجيرة الرمان
- وطائرًا ظمآن
- ينوح في البستان
- آه جناحي كسرته الريح
- وصاح في غرناطة
- معلم الصبيان
- لوركا يموتُ, ماتْ
- أعدمه الفاشست في الليل على الفرات
- ومزقوا جثته, وسملوا العينين
- لوركا بلا يدين
- يبثّ نجواه الى العنقاء
- والنورِ والتراب والهواء
- وقطراتِ الماء
- أيتها العذراء
- ها أنذا انتهيتْ
- مقدَّسٌ, باسمك, هذا الموت
- وصمت هذا البيت
- ها أنذا صلَّيت
- لعودة الغائب من منفاه
- لنور هذا العالم الأبيض, للموت الذي أراه
- يفتح قبر عائشة
- يُزيح عن جبينها النقاب
- يجتاز ألف باب
- آه جناحي كسرته الريح
- من قاع نهر الموت, يا مليكتي, أصيح
- جَفّتْ جذوري, قَطَعَ الحطّاب
- رأسي وما استجاب
- لهذه الصلاة
- أرضٌ تدور في الفراغ ودمٌ يُراقْ
- وَيحْي على العراق
- تحت سماء صيفه الحمراء
- من قبل ألفِ سنةٍ يرتفع البكاء
- حزنًا على شهيد كربلاء
- ولم يزل على الفرات دمه المُراق
- يصبغ وجهَ الماء والنخيل في المساء
- آه جناحي كسرته الريح
- من قاع نهر الموت, يا مليكتي, أصيح
- من ظلمة الضريح
- أمدُّ للنهر يدي, فَتُمسك السراب
- يدي على التراب
- يا عالمًا يحكمه الذئاب
- ليس لنا فيه سوى حقّ عبور هذه الجسور
- نأتي ونمضي حاملين الفقر للقبور
- يا صرخات النور
- ها أنذا محاصرٌ مهجور
- ها أنذا أموت
- في ظلمة التابوت
- يأكل لحمي ثعلب المقابر
- تطعنني الخناجر
- من بلد لبلد مهاجر
- على جناح طائر
- أيتها العذراء
- والنور والتراب والهواء
- وقطرات الماء
- ها أنذا انتهيت
- مقدّسٌ, باسمك, هذا الموت
المزيد...
العصور الأدبيه