الأدب العربى >> الشعر >> العصر الحديث و المعاصر >> عبدالله البردوني >> مصرع طفل >>
قصائدعبدالله البردوني
- كيف انتهى من قبل أن يبتدي
- هل تنطفي الروح و لم توقد ؟
- و كيف أنهى السير من لم يرح
- في دربه المجهول أو يغتدي ؟
- وافى من الديجور يحبو إلى
- كهف السكون النازح الأسود
- ألقى به المهد إلى قبره
- لم يقترب منه و لم يبعد
- ***
- ما باله خفّ إلى موته ؟
- هل كان و الموت على موعد ؟
- ما أقصر الشوط و أدنى المدى
- ما بين عهد اللّحد و المولد !
- يا من رأى الطفل يعاني الردى
- و يرفع الكفّ كمن يجتدي !
- كأنّه في خوفه ... يحتمي
- بكفّه من صوله المعتدي !
- و كلّما انهال عليه انطوى
- يلوذ بالثوب ... و بالمرقد
- و تارة يرنو إلى أمّه
- و تارة يلقي يدا في يد
- و مرّة يرجو أبا مشفقا
- و مرّة يرنو إلى العوّد
- ***
- يهوى أبوه لو يذود القضا
- عنه و تهوى الأمّ لو تفتدي
- يا من شهدت الطفل في موته
- ألم تمت من روعة المشهد ؟ !
- ***
- ياصائد العصفور رفقا به
- فلم يخض جوا و لم يصعد
- أتى يغنّي الروض لكنّه
- لم ينشق الروض و لم ينشد
- طفل كعصفور الروابي طوى
- ردا الصبا من قبل أن يرتدي
- أهلّ في بدء الصبا فانطفى
- لم يهد حيران و لم يهتد
- و نام في حضن الهنا مبعدا
- عن الأعادي و عن الحسّد
- عن ضجّة الدنيا و أشرارها
- و عن غبار العالم المفسد
- تدافع الطفل إلى قبره
- فنام تحت الصمت كالجلند
- ما أسعد الطفل و أهنى الكرى
- على سكون المرقد المفرد !
- ***
- هنا ثوى الطفل و أبقى أبا
- يبكي و أمّا في البكا السرمدي
- تقول في أسرارها أمّه :
- لو عاش سلوى اليوم ، ذخر الغد !
- لو عاش لي يا ربّ ، لو لم يمت
- أو ليته يا ربّ ، لم يوجد
- ***
- هل خاف هذا الطفل جهد السرى
- فاختزل الدرب و لم يجهد ؟
- ما باله جفّ وريّ الصبا
- حوليه و العيش الظليل الندي ؟ !
- مضى كطيف الفجر لم يقتطف
- من عمره غير الصبا الأرغد
- لم يطعم الدنيا و لم يدر ما
- في سوقها من جيّد أو ردي
- حبّا من المهد إلى لحده
- لم يشقّ في الدنيا و لم يسعد
- فهاك يا " عبد العزيز " الرثا
- شعرا حزين الشدو و المنشد
- يبكي كما تبكي و في شجوه
- تعزيه عن طفلك الأوحد .
المزيد...
العصور الأدبيه