الأدب العربى >> الشعر >> العصر الحديث و المعاصر >> عبدالله البردوني >> كانت وكان >>
قصائدعبدالله البردوني
- كانت له ، حيث لا ظلّ ولا سعف
- من النخيل الحوالي ، ناهد نصف
- وكان أرغد نصفيها الذي ابتدأت
- أو انمحى من صباها الياء والألف
- أغرى ، وافتن ما في بعض فتنتها
- طفولة ، وامتلاء مثمر هيف
- كانت له بعض عام ، لا يمت إلى
- ماض ولا امتدّ من اخصابه خلف
- ولى ، ولا خبر يهدى اليه وفي
- حقائب الريح ، من أخباره تحف
- وقصة لملم التأريخ أحرفها
- فاستضحك الحبر في كفيه والصحف
- وغاب أول يوم عن تذكره
- وفي تظنيّه من إيمان هنتف
- كان الخميس أو الاثنين واحتشدت
- مواقف ، تدفع الذكرى وتلتقف
- في بدء تشرين ، نادته نوافذها
- فحام كالطيف ، يستأني وينجرف
- هل ذاك مخدعها ؟ تومى النجوم على
- جبينه ، وعلى عينيه تعتكف
- بل تلك غرفتها أو تلك أيهما ؟
- أو هذه ، وارتدت أزياءها الغرف
- وبعد يوم وليل ، جاء يسألها
- عن عمها أخبروه أنه دنف
- من ذا تريد ؟ وتسترخي عبارتها
- فيأكل الأحرف الكسلى ويرتشف
- ويدّعي أنهم قالوا : أليس لها
- عمّ ويعتصر الدعوى وينتزف
- ويستزيد جوابا هل هنا سكن ؟
- أظن بيت فلان أهله انصرفوا
- وخانه الريق ، فاستحلت تلعثمه
- واخضرّ في شفتيها العذر والأسف
- ونصف (كانون) زارت بنت جارته
- فأفشت الخبر الأبواب والشرف
- وقالت امرأة : من تلك ؟ والتفتت
- أخرى ، تكذب عينيها وتعترف
- وعرفتها عجوز ، كل حرفتها
- صنع الخطايا ، لوجه الله تحترف
- وقصّت امرأة عنها ، لجدّتها
- فصلا ، كما ذاب فوق الخضرة الصّدف
- فعوّذتها وقالت: كنت أشبهها
- لكن لكل طويل يا ابنتي طرف
- وغمغم الشارع المهجور : من خطرت
- كما تخطر تلّ مائج ترف
- وحين عادت وحياها على خجل
- ردّت ، وما كان يرجو ، ليتها تقف
- وخلفها أقتاده وعد السّراب إلى
- بيت نضيج الصّبا جدرانه الشّغف
- حتى احتستسها شفاه الباب ، ولا أحد
- يومي اليه ، ولا قلب له ، يجف
- وظن وارتاب حتى اشتّم قصته
- كلب هناك وثور كان يعتلف
- وعاد من حيث لا يدري على طرق
- من الذهول إلى المجهول ينقذف
- فاعتاد ذكراه بيت مسّه فمها
- في دربها ، وبظلّ الدار يلتحف
- وقرّبت دارها من ظل ملجئه
- يد تعلّم من إغداقها السّرف
- وكان يصغي فتدعو غيرها ابنتها
- وجارة غيرها تخفي وتنكشف
- متى تبوح وهل يفضي بخطرتها
- درب ، ويخبر عنها الريح منعطف ؟
- وحلّ شهر رماديّ الخطى هرم
- ضاعت ملامحه ، واسترخت الكتف
- وفي نهايته ، جاءت تسائله
- عن هرّها … لم يزرنا ، فاتنا الشرف
- فنغّمت ضحكة كسلى ، طفولتها
- جذلى ، على الرقة المغتاج تنقصف
- فمدّ كفا خجولا ، وانحنى فرنا
- من وجهها الموعد المجهول والصلّف
- وكان يرنو ، وجوع الأربعين على
- ذبول خدّيّه يستجدي ويرتجف
- وقال ما ليس يدري فادعت غضبا :
- من خلتني ؟ قل لغيري : انني كلف
- وأعرضت واستدرات : كيف شارعنا ؟
- حلو .. أما ساكنوه السوء والحشف؟
- (فلانه) لم تدع عرضا و(ذاك) فتى
- يغوي ويكذب في ميعاده الحلف
- من ذلك اليوم يوم (الهرّ) كان له
- عمر ومتّجه غضّ ومنصرف
- واخضر قدّامه عش تالله
- على رفيف الدوالي روضة أنف
- أجنت له أيها يدعو مجاعته ؟
- وأي افنانها يحسو ويقتطف ؟
- ومرّ عهد كعمر الحلم يرقبه
- متى يعود يمنيه ويختلف ؟
- وكان فيه كمولود على رغد
- أنهى رضاعته التشريد والشطف
- كانت له ويقصّ الذكريات على
- طيف ، يقابل عينيه وينحرف
- واليوم في القرية الجوعى يضيّعه
- درب ، ودرب من الأشواك يختطف
- يسيح كالرّيح في الأحياء يلفظه
- تيه ، ويسخر من تصويبه الهدف
المزيد...
العصور الأدبيه