الأدب العربى >> الشعر >> العصر الحديث و المعاصر >> عبدالله البردوني >> المنتحر >>
قصائدعبدالله البردوني
- لفظ الروح فاطمأنّت ضلوعه
- وانطفى شوقه و نام ولوعه
- وقع المتعب الكئيب على الموت
- فماذا جرى وكيف وقوعه ؟
- جفّت الكأس في يديه و أشتى
- فيه وادي المنى و مات ربيعه
- حار في الموت و الحياة ... كراع
- ضاع تحت الدجى و ضاع قطيعه
- كلّما ساءل الدجى أين يمضي
- لجّ في الصمت واستفاض خشوعه
- وانحنى كالعجوز وانساق كالمخـ
- مور و امتدّ في السكون هزيعه
- ***
- لا تسل ذلك الفتى : كيف صاح
- الجرح فيه ؟ و كيف صمّ سميعه
- كيف أسرار قلبه أيّ سرّ
- كان يطوي و أيّ سرّ يذيعه ؟
- همّ بالموت و الظنون توارى
- حوله الخوف تارة و تشيعه
- و تلكّا فدار في ذهنه " سقراط "
- هذا اسمه و هذا لموعه
- ذلك الفيلسوف لم يدر هل أحأ
- سن صنعا أم كيف ساء صنيعه ؟ !
- جرعة الكأس أنهت العمر فيه
- فانتهى أصل شرّه و فروعه
- و تلكّا الفتى و حار ، أيشري
- من يد الموت عمره أم يبيعه ؟
- أومأت كفّه إلى خنجر الموت
- و أومى إلى الحياة نزوعه
- ***
- ليس يدري أيّ الأمرّين أحلى
- سعيه نحو حتفه أم رجوعه ؟
- طاوع الخنجر الأصمّ يديه
- حين كادت يمينه لا تطيعه
- و توارى في صدره خنجر الموت
- فضجّ الحشا وفارت صدوعه
- و التوى حوله الردى كالأفاعي
- وتلوّى كالأفعوان صريعه
- و تراخت على الفراش يداه
- ثمّ أغفى و في يديه نجيعه
- ***
- متعب طال عمره و شقاه
- و تمادت جراحة و دموعه
- طالما شبّ من دماه شموعا
- للهوى فانطفى الهوى و شموعه
- حين لم يستطع بلوغ مناه
- مات : و الموت كلّ ما يستطيعه
- وانطوى عمره الطويل فألقى
- قيده و انتهى شقاه و جوعه
- وانزوى حيث لا يحسّ صديقا
- يجتبيه و لا عدوّا يروعه
- ***
- نول المضجع الأخير فلانت
- قسوة الشرب و استراح ضجيعه
- أسكت القبر فيه كلّ ضجيج
- واحتواه سكونه و هجوعه
- إنّما القبر مضجع يستوي
- العالم فيه رفيعه ووضيعه
- نافقت بيننا الحياة فهذا
- حلّ كوخا و ذاك طالت ربوعه
- يا ظالم الحياة ما أعدل القبر
- تساوى فيه الوجود جميعه !
- ***
- لا تلم ذلك الفتى حين أردى
- نفسه فالشقا الطويل شفيعه
- و انتحار المضيم أخصر للضيّم
- و أجدى من أن يطول خضوعه
- مزّق العمر ضيّعه العمر
- و حمق حفظ الفتى ما يضيعه
- كم شوت روحه الضلوع ويوما
- لفظ الروح فاطمأنّت ضلوعه
المزيد...
العصور الأدبيه