الأدب العربى >> الشعر >> العصر الحديث و المعاصر >> سيف الرحبي >> عودة إلى الجبال >>
قصائدسيف الرحبي
- دائما مخطوف بهيامك
- أيتها الجبال المتآخية مثل أرواح صلبة
- لا تفنى
- ترمقين العابرين من البشر
- بنظرة ملؤها الشفقة والسخرية.
- منذ طفولتنا البعيدة.
- التي تقاذفتها أحجارك الكريمة
- وأنت تلامسين المغيب
- بأروع مما يكون التوحّد بين حبيبين فرقتهما
- أنواء عاصفة.
- عبر دروبك الممتدة،
- أحدق فيها الآن من نافذتي،
- مضاءة بشموس ضارية
- حفرها البشر والحيوانات المندفعة
- نحو كهوف الراحة المستحقة بعد شقاء طويل
- لكنها ممتدة الى ما هو أبعد
- مثل ذُراك المتناسلة في عرين
- لا ينتهي.
- كأن الزمن لم يمر قط
- كأن القيامة لفظت أنفاسها الأخيرة
- كأنك سدرة الخلق ومنتهاه.
- أي سر يقذفه النيزك في مساء قاتم؟
- أي حلم لموجة جاثمة تخبط ثغرك
- على الشاطئ؟
- مروا سريعين من هنا
- مر الغجر والبداة
- مرت القبائل والسلالات في حروب عبثية
- البغال والحمير والجمال
- الخيل الشاحبة تحت فتنة المعدن.
- مرت الدول والأساطيل
- ناقلات النفط وراجمات القارات العملاقة
- كلهم مروا من هنا
- من غير أن يتركوا أثرا أو معمارا،
- لأن أي خلق سيكون صغيرا
- في أزل شموخك الباهر
- لأن جلجامش
- لو حدّق في مرآتك مرة، ترك
- البحث عن عشبة الخلود
- لأن الفراعنة فكرة مبسطة من
- صرامتك الهندسية.
- لقد فكت أعمالهم ورموزهم
- وشرحت الملاحم والحفريات
- وأنت مازلت عصية على الشرح والتفسير
- محصّنة أسرارك بالغموض.
- ]ليس الجيولوجي وانما الروحي المتسامي[
- شاهدت الطوفان والزلازل والفيضانات
- شاهدت البشرية تنحدر
- الى مراتع الوحش.
- ربما أغمضت عينيك قليلا
- ربما رفست قبّة السماء
- ربما سالت دمعة في الشعاب
- لأنك المضاءة بالعزلة والمنفى
- المجبولة بالغضب والأرق.
- ولأنك تملكين القدرة على الغفران
- صليت لأجلهم
- صليت في محراب ذاتك
- مرتجفة من فرط الندم والمحبّة
- كأنك من أسلت الدماء
- وارتكبت المجزرة.
- أدور على كرسيّ
- صنع من شمس وماء
- أطل على المنحدرات المدارية
- لأرى الأزمنة متجمدة
- في آبارها الأولى.
المزيد...
العصور الأدبيه