الأدب العربى >> الشعر >> العصر الحديث و المعاصر >> سيف الرحبي >> داليا >>
قصائدسيف الرحبي
- أقتفي أثرها في حقول اليباب
- من برج الى قلعة
- ومن مدينة الى أخرى
- أثرها العميق في جسدي
- جراحها النازفة من قلب أيقونة
- المضيء أسفل السّرة
- كنبعٍ في ظلام الغابة.
- ينهمر مع كل خطوة أخطوها
- مع كل محطة
- أغامر باتجاهها.
- هكذا مرّت أسراب الأزمنة
- ملوّحة بأعلام مكسورة
- وأياد ترتجف
- من فرط ما قَسَتْ عليها المحبّة.
- مرّ بدوٌ كثيرون على جِمالهم
- مرّت قافلة السيرك
- تتقدمها كلاب مسعورة
- ومهرّجون بأصباغ وأساور
- مرّ الطلبة والعمال
- صبيحة يونيو
- في شوارع القاهرة المُزحمة
- مرّ الكائن بهباء أحلامه وقضاياه.
- أقتفي أثرها
- من مدينة الى أخرى مُحتلاً بآهاتها
- وهي تتقلب بين ضفاف مسحورةٍ
- عرّش فوقها نباتُ الجنس
- كطحالب مخضّرة علي أديم المياه
- أو كحيوانات بحرّية
- تدلف كهوف القاع
- ناعسة حتى الإرتخاء الكاملِ
- في ممالك المرجان.
- أسبح وحيداً
- متشرداً
- في الأصقاع الموحشة
- تغمرني المياه المالحة
- أحلم بالضفاف
- كقرصان تعب من التجديف
- وسط العاصفة
- أصغي الى الضفادع
- حادية الليل
- منتشية بنداءها الأزلي.
- أصغي الى عويل الصحراء
- يتقدم المشيعون مواكبَها الجنائزيّة.
- لم أحلمْ بعد ذلك
- كانت الأبديّة تتمدّدُ
- متثاءبةً على السرير
- الأبديّة المضجرة.
- لكن القارب أبحر من جديد
- من غير شراع ولا مجداف
- عبر بحار الزنج ربما
- تلك التي دوّخت المسعوديّ
- وحطّمت أشواقه
- بأعصاير شياطينها المترحلّة.
- والتي عبرها ذات يوم
- سعيد المرجبي، العُماني الذي لقبّه
- البريطانيون (بتيبوتب)
- سعياً وراء الثروة والجاه.
- عبرها الأندونيسيون القدماء من جزُر
- الواق واق
- باتجاه مدغشقر
- عبرتها شعوب وأجيالٌ
- غرقت في اللجج السوداء
- قبل أن تصلْ.
- أقتفي أثرها
- في صرخة الوداع
- بدموعها الحرّى
- كجيش أطياف يلاحقني باستمرار..
- كنت في المطبخ
- في ذلك اليوم المعتم من شهر آب
- أرى البحر من نافذتي
- والسماء الزرقاء بحيواناتها النائمة
- أرى الوجوه تتلاشى دائماً
- باتجاه المغيب
- حين انفجرَ ضوؤها
- من قلب تجرفه الأعاصير والأشواق
- حيّتني وتوارت
- خلف غلالةٍ من ضَباب
المزيد...
العصور الأدبيه