الأدب العربى >> الشعر >> العصر الحديث و المعاصر >> حمزة قناوي >> فصولٌ من كتاب الموت >>
قصائدحمزة قناوي
- كُلُّ مساءٍ
- حينَ الغُرفةُ تخلو من صيحاتِ النورِ
- وأغرقُ في ظُلمَتِها كي أتمَدَّد
- يغمُرُ قلبي حُزنٌ أسود
- يُقبِلُ من غاباتِ الذِكرى
- ينفذُ من شباكي الموصَد
- لا يستوحِش بردَ الغُرفةِ والإظلام
- حتَّى حين أُراوِغُهُ عَبَثاً لأنام
- تُبَدَّدُ كُلُّ رُؤَايَ ولكن ..
- لا يتَبَدَّد !
- يجثمُ في زاويةِ الغُرفةِ
- يَتَنَقَّلُ بينَ الجِدران
- يُحَدِّقُ في عينَيَّ الخائفتينِ بوجهٍ مُربِد !
- ينثُرُ من ذاكِرةِ الويلِِ رؤىً تتصارعُ في ظُلمَتِها
- حتى تنزفَ
- تقطرُ سَمَّاً
- في طيَّات القلبِ المُجهَد !
- --------------------------------
- هذا فَجرُ العُمر
- وتِلكَ طفولتهُ الخضراء
- وقَلبٌ تُفعِمهُ الأحلامُ
- يُحَلِّقُ بجناحيها نحوَ غدٍ يملؤهُ العَدلُ
- يمدُّ الظِلَّ على الفُقراء
- يمدُّ جذورَ الفَرْحَ بعُمقِ قلوب المحرومين ..
- إلى أن تَسْعَد
- مَرَّ العُمرُ
- ومَرَّت عَرَبَاتُ العُمْر السوداء على جسرِ الأعوام
- التفتَ القلبُ إلى الفُقَرَاء
- رآهُم مأسورينَ بظُلمةِ ليلهِم المُتَمَدِّد
- نزفَ القلبُ
- تهاوى حُلمُ العَدل أمامَ القَدر المُربِد
- وترامى الحُلمَ دُخاناً
- ثُمَّ تَبّدَّد !
- -----------------------------
- هذا طيفُ الحُب يُحَلِّقُ بِفضاء الأيام
- يُفاجيءُ قَلبَاً من شُرًفاتِ الغيب
- يطوفُ بهِ مُدُنَ الأحلامِ
- يُحَلِّقُ لسمواتِ النور ويصعد
- كانَت تَمنحُ خوفَ القلب سلامَ العالم
- كانت فصلَ ربيعٍ زاهٍ
- في صحراء العُمرِ الأجردْ
- راحَتْ تَقطَعُ قَفْرَ مفازاتِ الأيام بدربِ الحُلم
- ولا تتلفَّتُ أو تَرتَد
- مَضَت عرباتُ العُمر السوداء على جِسرِ الأعوام
- خَبَت نيران فؤادٍ كان تَوَقَّد !
- عرِفَ الصوتُ الواثِقُ أن يَتَرَدَّد
- حين يُخيَّرُ بين نِداء الرُّوحِ وبين نِداء العسجد !
- غابت في تيهِ الأيَّامِ
- هَوَت صُورَتُها من ذاكِرة القلب
- تَهَاوَى حُلمَ الدِّفء أمامَ رياح الزَّمن الأَسوَد
- وترامى الحُلمُ دُخاناً ..
- ثُمَّ تَبّدَّد !
- -------------------------------
- هذا حُلمٌ آخر لا أتبَيَّن وَجهَه
- يأتي من ظُلُماتٍ أُخرى
- يترَنَّحُ في تيهِ العتمةِ والإظلام
- أُحَدِّقُ ..
- هل هو حُلمُ الحَق ؟
- أحدق ..
- حُلمُ العِتق .. خَلاص الرُّوح
- أُحَدِّقُ ..
- حُلمُ تحقُّق ما أمَّلهُ القلب من الأيَّام ؟
- ( تَوَحَّدت الأَحلامُ العائدة من العُمرِ الضال وإن تتعَدَّد ! )
- أنظُرُ نحوَ الحائط فَزِعَا
- يُنكِرُني الحُلمُ وقد جَزِعَا
- يُنكِرُ هذا الظَِلَّ المُقعَد !
- يتلاشى في ليلِ الغُرفةِ
- ينحَلُّ كَهَبَّاتِ دُخانٍ .. لا تتَجَسَّد
- يتَّجِهُ لنافِذتي شَبَحاً ..
- ثُمَّ يُبَدَّد !
- -------------------------------
- كُلُّ مساءٍ
- حينَ العالمُ يُولَدُ في أضواءِ الليلِ
- ويدخلُ قلبي
- يوئَد !
- لا يُنقِذني منهُ سوى أن تَهدُرَ دوامَاتُ النَّومِ ..
- فأرحلُ فيهْ
- كُلُّ مساءٍ تنهضُ سودُ الذِّكرى من مَرقَدِها
- تأخُذُ قلبي حيثُ التيهْ
- تُسكِنُ فيهِ النَّبضَ إلى أن يَهمَد !
- يُطفَأُ صَخَبُ العالم في عَينَيَّ
- وتنسَحِبُ الأنوارُ وتبعُد !
- يتَّشِحُ القلبُ بخرسِ الموت
- فيهوي العمرُ دُخاناً
- ثم يُبَدَّد !
المزيد...
العصور الأدبيه