الأدب العربى >> الشعر >> العصر الحديث و المعاصر >> جبران خليل جبران >> كم فاض في أثر الهلال العاثر >>
قصائدجبران خليل جبران
- كم فاض في أثر الهلال العاثر
- من مدمع باللؤلؤ المتناثر
- واهتز ضوء في الدراري خلته
- ماء ترقرق من ألوف محاجر
- خطب بجانبه يشع وإن جرى
- متداركا سح الرباب الهامر
- ترك الدجى وبكل نجم ثابت
- من روعه نظرات طرف حائر
- ولكل سيار شعاع سابر
- في الغور مهوى كل جد غائر
- إن تجزع الزهر الطويل بقاؤها
- ما عذر أصحاب المدى المتقاصر
- وعلام خوف الموت يسطو آخذا
- بنفوسنا أخذ العزيز القادر
- والموت ليس سوى التحول في بنى
- والفصل بعد الوصل بين عناصر
- لو يعقل الإنسان لم يأبه لما
- تجري به سنن النظام القاهر
- ما الجسم إلا حالة وتصير من
- صفة إلى أخرى بحكم قاسر
- وهل الحياة سوى اتصال دائب
- في الكون بين مبادئ ومصاير
- لكننا نطنا قوانا كلها
- دون النهى بنوازع وأواصر
- طلب البقاء وحبنا لذاته
- سبب التنكر للقضاء الدائر
- يا ابن العزيز وأنت ثنيان زكا
- ما شاء في فينان نسل طاهر
- أسفا على ذاك الجمال المزدهي
- أسفا على ذاك الشباب الناضر
- أسفا على تلك الرجاحة في الحجى
- أسفا على ذاك الذكاء النادر
- بدت النجابة فيك قبل أوانها
- فأتت بآيات كسحر الساحر
- حتى توسم فيك أكبر شيمة
- للأمر كل مخالط ومجاور
- لكن دهاك البين في شرخ الصبا
- وقضى على الأمل السني السافر
- فإذا بوادر ما رزقت من النهى
- كانت لهذا الرزء شر بوادر
- وإذا الشمائل كالأزاهر رقة
- عمرن واحرباه عمر أزاهر
- وإذا مواعيد الزمان كعهدها
- ذمم وكلن إلى رعاية خافر
- أثكلت مصر وما أبالغ إنني
- لم أبد إلا بعض ما في الخاطر
- رويت بأدمعها لم يك تربها
- من قبل يسقى بالسحاب الماطر
- يا ويحها لما أدال البين من
- طيب اللقاء شجى الوداع الآخر
- ومشت تشيع قطعة من قلبها
- في النعش إذ تمشي بعبد القادر
- في مشهد ما قيل في تنظيره
- وصف ولم تشهده مقلة ناظر
- شملت به الأحزان شعبا حاشدا
- لا فرق بين أكابر وأصاغر
- ما شق جيبا للفجيعة من تقى
- لكن تحملها بشق مرائر
- قاصي المباءة والقريب توافدا
- لحفاوة فيها بأكرم زائر
- لحفاوة بمجشم عن قومه
- هجرا ولم يك روحه بالهجر
- ما قر من شوق إليهم قلبه
- وعن الكنانة لم يكن بالصابر
- واسترعت الدنيا لجانب قبره
- أنات ملتاع الجوانح زافر
- فلئن وفي ذاك الوفاء لشأنه
- شأن الأعزة كابر عن كابر
- ولئن أجل مصر فيه خطبها
- فهو الجدير بحبها المتوافر
- أمقدم الفتيان في طلب العلى
- ساء العلى إن كنت أول عاثر
- جزت الحقيقة في السناء وفي السنى
- تنأى لطيفا كالخيال العابر
- تجد المحاشر للسرور بها الأسى
- وترى عظائمهن جد صغائر
- تعدو البهارج كل زور تحتها
- وتمر بالزينات مر الساخر
- فلعل خيرا من مقام طية
- تنجي من الدهر الخئون الجائر
- من يشتري الدنيا ولو بأحب ما
- فيها أباءته بصفقة خاسر
- أمسيت في عدن وخلفت الأسى
- في الأرض ملء جوانح وضمائر
- وارحمتا للثاكليك وكم لهم
- ذكرى تحرك من شجون الذاكر
- واساهم البلد الأمين وحزنه
- بين الطوايا فوق ما في الظاهر
- لا شيء أجمل من مجاملة إذا
- صدقت وجاءت من وفي شاكر
- أرثيك يا ولداه بالحس الذي
- هو حس مصر وكل قلب شاعر
- ولقد ترى وجه اعتذار للأولى
- حبسوا الدموع فأنت أكرم عاذر
- الخلف أبعد ما نظرت مسافة
- في الشرق بين أسرة وسرائر
- لو مت في زمن مضى لعلمت كم
- من ناظم فيه وكم من ناثر
المزيد...
العصور الأدبيه