الأدب العربى >> الشعر >> العصر الحديث و المعاصر >> جبران خليل جبران >> أمات أولئك الجند الكرام >>
قصائدجبران خليل جبران
- أمات أولئك الجند الكرام
- ولم يثبت لهم أثر مقام
- سوى قول الرواة حيوا ليقضوا
- منى رجل كبير ثم ناموا
- تفانوا في بناء اسم عظيم
- وما اسماؤهم إلا الرغام
- يسخر ربك الدنيا لفان
- وفي الدنيا وفيه له مرام
- فيلقي من محبته عليه
- وتوشك أن توحده النام
- كذاك أحب نابليون جند
- هم بفخاره نهضوا وقاموا
- أبالس لا ترد ولا تلاقى
- ملائك لا تصد ولا تضام
- أعزة يوم استرلتس كانوا
- قليلا والعدى كثر ضخام
- تلاقوا مقبلين على اشتياق
- ولكن لا وداد وسلام
- وكانت قبلة الأشواق فيهم
- ضراما لا تقر عليه هام
- وطال وما شفى لهم غليلا
- من الوحد التعانق واللزام
- فلم يك مجدي الروس التفاني
- لا الحلفاء بأس واقتحام
- ولا عصم الصقيع وكان منهم
- عاقل خلفها لهم اعتصام
- وقيض للفرنسيين نصر
- أتاهم فوق ما ظنوا وراموا
- فطابوا في الغبوق به نفوسا
- وراق لهم مع الظفر المدام
- وحدث قومه الصعلوك منهم
- بما كانت وقائعه الجسام
- وكان فتى له سيما زعيم
- ينكره التفرد والظلام
- عريض الجبهة الغراء يبدو
- بها شعر كما رق الغمام
- حديد الناظرين إذا اثيرا
- فمصباحان ملؤهما ضرام
- تراه العين جبارا عظيما
- لهيبته وإن قصر القوام
- يمر بهم وقد ثملوا الإتخارا
- وإعياء فكلهم نيام
- إذا تعب الجنود فليس بدع
- بأن لا يتعب الملك الهمام
- فطاف بهم وبالجرحى افتقادا
- وكان مبرة منه اللمام
- وافارقهم الى حيث استقرت
- من القتلى الجماجم والعظام
- يشاهد ما جناه قرير عين
- ولا حرج عليه ولا ملام
- فما استرعاه إلا صوت عان
- بجانبه يصارعه الحمام
- دنا ليغيثه فأمال رأسا
- له عنت القياصرة العظام
- وألفى ركبتيه على صعيدي
- مازج تربه الدم والحطام
- عتي ما جثا لله إلا
- ومركعه على عمد يقام
- فحل عن الفتى ثوبا خضيبا
- كأن ثقوبه فيه كلام
- وأبصر في ترائبه صدوعا
- على دخل يعز لها التئام
- فلما ثاب للعاني شعور
- نفاه الضعف عنه والسقام
- وأدرك من بجانبه تراءى
- بطرفيه الكليلين اضطرام
- أراد إبانة عما تنادت
- جوارحه به فعصى الكلام
- فغض الطرف ثم رنا فألقى
- مفاضته يضيء بها وسام
- فجمع ما تبقى من قواه
- وأسعده على النطق الذمام
- فصاح فداك يا ملكي حياتي
- ومات وفي محياه ابتسام
المزيد...
العصور الأدبيه