الأدب العربى >> الشعر >> العصر الحديث و المعاصر >> بدر شاكر السياب >> يا نهر >>
قصائدبدر شاكر السياب
- يا نهر عادت إليك من أبد اللحود و من خواء الهالكين
- راعيك في الزمن البعيد يسرح البصر الحزين
- في ضفتيك و يسأل الأشجار عندك عن هواه
- أوراقها سقطت و عادت ثم أذبلها الخريف
- و تبدلت عشرين مره
- هيهات يسمه إذ توسوس في الدجى أصداء آه
- بالأمس أطلقها لديك ترن في جرس الحفيف
- كم قبلة عادت دوائر في مياهك مستسرة
- دنياه كانت أمس فيك فهل تعود إلى الحياه
- ليود من شغف بمائك لو غدا
- ظلا يداعب فيه جنيّاته
- متعلقا بشراع كل سفينة
- ليجاذب الملاح أغنيّاته
- وتلوذ أنوار النجوم بصدره
- و تراقص الأمواج من ضحكاته
- ما أخيب الموتى إذا رجعوا إلى الدنيا القديمة
- و تلصصوا يتطلعون كما تطلع من كوى دار شريد
- و رأى ثمار الجمر سار عصيرها دفئا و جال عبيرها المهدود
- ما أخيب الموتى تكاد موتهم الهزيمة
- شيئا أمرّ من الحياة
- ما أخيب الموتى تغير كل شيء كل باق
- مما أطلّ على الحياة لانهم كانوا كواه
- أم مات ما عرفوه إذ ماتوا فليس سوى رؤاه ؟
- فتكبدوا ألم الفراق
- ألم التغريب مرتين فيا ضفاف النهر يا أمواجه و محاره
- ماذا تبقى فيك من أمس الهوى ؟
- الدوح أسلم للبلى ورقاته
- و هي التي سمعت لديك حواره
- و هي التي أودعت فيها في الضحى
- قبلاتنا وطويت فيها ناره
- إتى ذويت مع الظلام كما ذوى
- ياليت لي شفة قتلثم أو يدا فتمسّ ماءك
- إني لأكثر من غريب غربة و أشد حيره
- لم يبق فيك سوى الزمان و ليس ما فيك قطره
- من ماء أمس كأن فجرك عاد قبل غد مساءك
- و كأن ضفتك الحبيبة ضفّة الأبد البعيد
- يا نهر أن وردتك " هالة " و الربيع الطلق في نسيانه
- و لى صباها فهي ترجف الكهولة و هي تحلم بالورود
- في حين أثقلها الجليد كأن نبعا في اللحود
- تمتص منه عروقها دمها فقل لم ينس عهدك
- و هو في أكفانه
المزيد...
العصور الأدبيه