الأدب العربى >> الشعر >> العصر الحديث و المعاصر >> بدر شاكر السياب >> نهر العذارى >>
قصائدبدر شاكر السياب
- يا نهر لولا منحاك و ما يشابك من فروع
- ما كانت البسمات في عيني تطفأ بالدموع
- **
- حجبت بالشأو البعيد تسد بابيه الظلال
- وجهاً تلاقي في محياه الوداعة و الجمال
- مرآتك الخضراء منذ جلوتها تحت السماء
- ما لاح فيها مثل ذاك الوجه في ذاك الصفاء
- **
- إن أوقد الليل العميق نجومه في جانبيك
- لّماحة الأضواء تغمر بالأشعة ضفتيك
- **
- ناشدت ألحاظ الكواكب و هي تخترق الظلام
- الا ينمن و إن تشهّين الكرى حتى تنام:
- **
- أنتن أسعد ما أظل الكون يا زهر النجوم
- أنتن أبصرتنّ ذاك الوجه في الليل البهيم!
- **
- حتى إذا ما رنح النجم الأخير سنا الصباح
- فانقضّ تحت القبة الزرقاء مقصوص الجناح
- **
- أصبحت فوق المعبر المهجور أرقب منحناك
- فأبوح بالشكوى و تسكت عن شكاتي ضفتاك
- **
- الفتنة السمراء تسرقها مياهك بعد حين:
- الشعر و العينين و الثغر المنضّر و الجبين
- **
- فإذا الهجيرة أطلقتها زرقة الأفق البعيد
- فالظلّ مقصوص الجناح يفرّ من عود لعود
- **
- سارت إليك بطيئة الخطوات ذابلة الشّفاه
- جاءتك ظمأى بالبنان الرخص تغترف المياه
- **
- كم عدت مخمور الفؤاد بموعد المدّ القريب
- جذلان أقتحم الظهيرة بالتطلع و الوثوب
- **
- التوت فوق الشاطيء الغربي و السّعف الصموت
- لا يجهلان تنهّداتي و هي بينهما تموت
- **
- و الغاب ساعتي الحبيبة من ظلال عقرباها
- كم أنبآني أن طرفي بعد حين قد يراها
- **
- و اليوم يسقي مدّك العاتي أواخر كل جزر
- لا ذاك يجلوها و لا هذا بما أرجوه يجري
- * *
- و اليوم إن سكر الخرير و عاد يحتضن الجرارا !
- لم ألق عذرائي فكيف الصّبر يا نهر العذارى ؟!
المزيد...
العصور الأدبيه