الأدب العربى >> الشعر >> العصر الحديث و المعاصر >> بدر شاكر السياب >> منزل الأقنام في جيكور >>
قصائدبدر شاكر السياب
- خرائب فانزع الأبواب عنها تغد أطلالا ،
- خوال قد تصك الريح نافذة فتشرعها الي الصّبح
- تطل عليك منها عين يوم دائب النوح .
- وسلّمها المحطّم ، مثل برج داثر ، مالا
- يئن اذا أتته الريح تصده الى السطح ،
- سفين تعرك الأمواج ألواحه
- **
- وتملأ رحبة الباحه
- ذوائب سدرة غبراء تزحمها العصافير
- تعد خطى الزمان بسقسقات ،والمناقير
- كأفواه من الديدان تأكل جثّة الصمت
- وتملأ عالم الموت
- بهسهسة الرثاء فتفزع الأشباح تحسب أنه النور
- سيشرق فهي تمسك بالظلال و تهجر الساحة
- إلى الغرف الدجيّة و هي توقظ ربّة البيت
- لقد طلع الصباح و حين يبكي طفلها الشّبح
- تهدهد و تنشد يا خيول الموت في ألواحه
- تعالي و احمليني هذه الصحراء لا فرح
- يرف بها و لا أمن و لا حب و لا راحة
- **
- ألا يا منزل الأقنان كم من ساعد مفتول
- رأيت و من خطى يهتز منها صخرك الهاري
- و كم أغنية خضراء طارت في الضحى المغسول
- بالشمس الخريفيّة
- تحدّث عن هوى عاري
- كماء الجدول الرقراق كم شوق و أمنّية
- و كم ألم طويت و كم سقيت بمدمع جاري
- و كم مهد تهزهز فيك كم موت و ميلاد
- و نار أوقدت في ليلة القر الشتائية
- يدندن حولها القصّاص يحكي أن جنّيه
- فيرتجف الشيوخ و يصمت الأطفال في دهش
- و إخلاد كأن زئير آلاف الأسود يرنّ في واد
- وقد ضلوا حيارى فيه ثمّ ترنّ أغنية
- أتى قمر الزمان و دندن القصّاص جنيّه
- وبؤسهم المرير الجوع و الأخزان و السّقم
- وطفل مات لما جفّ در ماتت المعزى
- و جاعت أمّه فالثدّي لا لبن و لا لحم
- سمعت صراخها و الليل ينظر نجمة غمرا
- وولولة الأب المفجوع يخنق صوته الألم
- **
- و لو خيّررت أبدلت الذي ألقى بما ذاقوا
- ممضّ ما أعاني شلّ ظهر و انحنت ساق
- على العكّاز أسعى عاثر الخطوات مرتجفا
- غريب نار الليل ما واساه من أحد
- بلا مال بلا أمل يقطّع قلبه أسفا
- ألست الراكض ألعداء في الأمس الذي سلفا
- أأمكث في ديار الثلج ثم أموت من كمد
- و من جوع و من داء و أرزاء ؟
- أأمكث أو أعود إلى بلادي ؟ آه يا بلدي
- و ما أمل العليل لديك شح المال ثم رمته بالداء
- سهام في يد الأقدار ترمي كلّ من عطفا
- على المرضى وشدّ ضلوع الجائعين بصدره الواهي
- و كفكف أدمع الباكين يغسلها بما و كفا
- من العبرات في عينيه إلا رحمة الله ؟
- **
- ألا يا منزل الأقنان سقتك الحيا سحب
- تروي قبري الظمآن
- تلثمة و تنتحب
المزيد...
العصور الأدبيه