الأدب العربى >> الشعر >> العصر الحديث و المعاصر >> بدر شاكر السياب >> مرئية الآلهة >>
قصائدبدر شاكر السياب
- بلينا و ما تبلى النجوم الطوالع
- و يبقى اليتامى بعدنا و المصانع
- وبقى كرب الجالب الكرب كالصدى
- يغص المنادى بالردى وهو راجع
- كأن الأميبي توأم وهو توأم
- لها فهو في منجى من الموت قابع
- و لكنه الفرد الذي يزحف الورى
- إلى حيث ترمي مقلتيه المطامع
- أعنقاء من صحراء مجد تقحّمت
- بها مغرب الشمس البعيد الزعازع
- أم انسل من أهرام فرعون هاجع
- وقته انتقاص الدود منه المباضع
- و من ليس يحيا لن يرى و هو مالك
- فلو كان يحيا ما عدته الفواجع
- و ما كان إلا اسما كرب ابن مثله
- به يدمغ اثنان الورى و البضائع
- و لكنه اسم بالأسامي يغتذي
- تهجاه زفار اللظى و المدافع
- تمنيت أني آله لا يصيبها
- كلال و لا وقت بها مرّ ضائع
- لها من دماء الناس قوت و خلفها
- من المال عن أن ينفذ القوت مانع
- و ما تخطىء الآلات من الجمع تارة
- و في الطرح إن يخطىء من الناس جامع
- و لا عاقبتها عصبة من ورائها
- علينا عقاب برئوا منه واقع
- ألا كم رفعنا من إله و كم هوى
- إله و أضحى ثالث و هو رابع
- فما جاوزنا صورة منه خطها
- على غفلة منا مجيع و جائع
- و ما كان معبودا سوى ما نخافة
- و نرجوه أو ما خيلته الطبائع
- فتموز مثل اللات و الرعد ما رمى
- بغير الذي تطوى عليه الأضالع
- و كم أله التمر التهامي معشر
- لما ليس يحيا دونه الناس راكع
- فلما شكا بعد الأثافي قدرها
- وضنت على الشدق الحفي المراضع
- كفى كل ثغر كان يدعوه جوعه
- إله أحاطته المدى و الأصابع
- دمى هذه الخمر التي تشربونها
- و لحمي هو الخبز الذي نال جائع
- و لما تشظى قلب نرسيس و أنثى
- يلم الشظايا شار وبائع
- و غذّى بها القلب الذي حين ذاقها
- نما فيه نابا كوسج فهو قاطع
- هوى كل عال من إله و سافل
- إلى حيث ما م راحل ثم راجع
- و أفضى إلى العرس السديمي معدن
- بما امتاح من أحدق ميدوز لا مع
- هو الشمس إلا أن في زمهريره
- من الموت ظلا حجّبته البراقع
- جزى أمه الأرض التي من عروقها
- ربا و اغتذى في جوفها و هو هاجع
- بشر الذي يجزى به شر من عذا
- و أروى و يجزاه العدو المنازع
- فأدمى بنيها وارتعى من بناتها
- حقولا ترجى فهي شوه بلاقع
- كقابيل يغتال الأشقاء راكل
- كأوديب للخبز الإلهي صافع
- و هذا الإله الأملس الفظ ما جلا
- لنرسيس يجثو عنده و هو خاشع
- سوى وجه نرسيس الرخامي شابه
- شحوب يهوذي التلاوين ناقع
- و أوفى من الأرباب جيل يئمّه
- على قمّة الأولمب ربّ مخادع
- ترى فحم إذ يلقاه يلقاه راجفا
- و فولاذ من تلماح عينيه مائع
- و يا عهد كنّا كابن حلاّج واحدا
- مع الله إن ضاع الورى فهو ضائع
- أكلّ الرّجال الجوف أن يملأوا به
- خواء الحشا هذا الإله المضارع
- فعاد الفقير الروح من ليس كاسيا
- به ظاهرا منّا فحل التنازع
المزيد...
العصور الأدبيه