الأدب العربى >> الشعر >> العصر الحديث و المعاصر >> بدر شاكر السياب >> مدينة السراب >>
قصائدبدر شاكر السياب
- عبرت أوربا إلى أسيه
- وما انطوى النهار
- كأنما الجبال و البحار
- ربى و أطراف من الساقية
- يطرفها الصغار
- بين شروق الشمس و الغروب
- تعانق الشمال و الجنوب
- ونامت المروج قي القفار
- و أنت يا ضجيعتي كأنك الكواكب البعيدة
- كأنّ بيننا من الكرى جدار
- تضمّك اليدان تعصران جثة بليدة
- كأنني معانق دمي على حجار
- في منزل لصوصة الرياح و الهجير و الغيوم
- مساؤه السكون و النجوم
- وصيحة انتظار
- ترامت السنون بيننا : دما و نار
- أمدّها جسور
- فتستحيل سور
- و أنت في القرار من بحارك العميقة
- أغوص لا أمسّها تصكّني الصخور
- تقطّع العروق في يدي أستغيث آه يا وفيقة
- يا أقرب الورى إليّ أنت يا رفيقة
- للدود و الظلام
- عشر سنين سرتها إليك ياضجيعة تنام
- معي وراء سورها تنام في سرير ذاتها
- و ما انتهى السّفار
- إليك يا مدينة السراب يا ردى حياتها
- عبرت أوربا إلى آسيه
- و ما انطوى النهار
- و أنت يا ضجيعتي ، مدينة نائية
- مسدود أبوابها و خلفها وفقت في انتظار
- **
- نبوءة و رؤيا
- نبوءتك المريرة عذّبتني مزقت روحي
- نبوءتك الرهيبة أيها العراف تبكيني
- رأيت مسالك الأفلاك تهرعبالملايين
- قرأت خواطر الريح
- ووسوسة الظلام كأن حقلا بات ينتحب
- ستنطفيء الحياة و رحت ترسم موعد القدر
- إذا حدجتني الشهب
- هتفت بها غدا سنموت فانهمري على البشر
- لأهون أن أموت لديك وحدي دون حشرجة و لا أنّه من القدر المرّوع يجرف الأحياء بالآلاف
- ولكني أصيخ إلى النهار فأسمع العراف
- يهدّد سوف يهلك من عليها سوف تلتهب
- وتسرب في دمي جنّه
- و حين رقدت أمس رأيت في ظلموت أحلامي
- رؤى تتلاحق الأنفاس منها ثم تنقطع
- أفقت و ما تزال تضيء في خلدي و تندلع
- كما يتفجر البركان في ظلمات ليل دون انسام
- بلا قمر و أن يك في المحاق أكاد أقتلع
- أكاد أمزق الدم في عروقي بارتعاد روحي الحيرى
- أكاد أعانق القبرا
- أرى أفقا و ليلا يطبقان على من شرفه
- و لي و لزوجتي في الصمت عند حدودها وقفة
- نحدق في السماء و نمنع الطفلين من نظر
- إلى ما في دجاها الراعب المأخوذ من سقر
- تطفّأت الكواكب و هي تسقط فيه كالشرر
- تطفّأ تحت ذيل الريح و هي تسفّه سفا
- كأنّ عصا تسوق مواكب الأفلاك في الصحراء من ظلم
- ويلهث تحتنا الآجرّ يزحف تحتنا زحفا
- تضعضع فهو يمسك نفسة ويئن من ألم
- ليهوي حين يغفل حين يعجز ثم ينهار
- دجى نثرت بها نار
- بني إليك صدري فيه فادفن وجهك الطفلا
- بنيّ صه أقصّ عليك أية قصّة عندي ؟
- تفجرت الفقاعة و انتهى أبّد إلى حدّ
- علام أتيت للدنيا
- ليدرك عمرك الليلا
- لتحيا أربع السنوات ثم لتبصر الساعة
- تقوم و لست تدرك ما تراه ؟ تريد أن تحيا
- و تجهل أن موتك فيه بعثك أن للدنيا
- نهاية سلّم يفضي إلى أبد من الملكوت
- قلبك ؟ آه .. من راعه ؟
- بكاؤك و ارتعابك فيهما لله أحراج
- و باسمها اسائله الحساب : اتصرع الأطفال
- لتشهد لوعة الآباء ؟ تسعد قلبك الآمال
- تخيب
- يكاد يهوي من صراخي عنده التاج
- و يهدم عرشه و يخرّ تطفأ حوله الآباد و الآزال
- ويقطر لابن آدم ألما و ينفطر
المزيد...
العصور الأدبيه