الأدب العربى >> الشعر >> العصر الحديث و المعاصر >> بدر شاكر السياب >> صحيفة الأحرار >>
قصائدبدر شاكر السياب
- يا حابسين صحيفة الأحرار
- هل يمنع القيد استعار النار
- إن تحجبوها فهي حقد كامن
- بين الضلوع و صرخة استنكار
- بنت الكفاح و كل سطر خالد
- عرق يفور به دم الثوار
- ضم الشتات بها ( فكاوا ) يجتلي
- من عين ( يعرب ) ضحكة استبشار
- و ( القدس ) تشهد كل جرح أنها
- برء يثير مخاوف الأشرار
- لم تكب في ساح الجهاد و لا ارتضت
- ذلا و لا غفلت عن استعمار
- إن تحجبوها فالليالي شأنها
- ألا يدوم بها سنا الأقمار
- ما إن نخور فليس فينا جاهل
- إن الحياة عطية الأخطار
- إنا لنغمد في اللظى أقدامنا
- هيهات نشكو سطوة الأحجار
- واحر قلبي يا بلادي أنني
- جردت فيك سوى من الأشعار
- ماذا ظننت بصادق في حبه
- لو كان يملك قوة الأقدار
- هل كان ينفض من نضال كفه
- أو كان يتركها على القيثار
- و لو استطعت لكنت حزبا ثانيا
- مثل التحرر صادق الآثار
- أو عدت أجعل من دمائي ثورة
- تجلو غشاوة هذه الأبصار
- الشعب يعلم عن يقين أنها
- بوق النضال و منبر الأحرار
- حان الكفاح فأنزلتها طعنة
- حمراء في صدر الحليف الصاري
- الجو فيك لكل نسر ضيق
- رحب لكل ملون المنقار
- قصوا جناح النشر فيه و أطلقوا
- لليوم أجنحة الخنا و العار
- و من المهازل أن أوفى صفحة
- للشعب تطويها يدا غدار
- ما راش جود الكادحين جناحها
- حتى يراه مقص الاستعمار
- أن يحجبوها فهي في أرواحنا
- و ضحاه تنشرها يد التذكار
- أو طاب يوم ( الخائنات ) بيومها
- فالخائنات قصيرة الأعمار
- إن المصاب و إن خلا من فرحة
- لم يخل من عظة و من انذار
- فالطاعن الصدر الأبي بسيفه
- سق الستار بطعنة استهتار
- فإذا العيون ترى و في أهدابها
- لمح الدماء خبيثة ( الثرثار )
- يجثو على فرش الحرير و دونه
- جسم الطعين على التراب العاري
- فالطرف يمسك بالكؤوس و رجله
- بالطرس و الكغان بالدينار
- لو باركته يدا ( سفير ) ساعة
- باع النضال بحلفة ( استيزار )
- يا من يشيد لكل حر محبسا
- خوفا على كرسيه المنهار
- إن الظلام إذا تناهى غيه
- زاد العيون صدى إلى الأنوار
- و الحابس الأبطال عن أن يزأروا
- ظن الزئير قضى قتل إسار
- حتى تكشف عن سراب ظنه
- و انفض جوف الصمت عن إعصار
- فإذا الحناجر و الزمازم تنبري
- غضبى تجوز عليه عقر الدار
- هيهات تغلب كل كف شأنها
- لمس الحرير تدفق التيار
- هيهات يصرع كل فكر ملؤه
- همس الطغاة صوارخ الأنكار
- ما دام بعض دم الضحية دافقا
- فيها فلا ركنت إلى الأظفار
- يا شعب أنت غد فإن لم يؤمنوا
- بالكادحين فلست للكفار
- إن الطغاة نجوم ليل ترتدي
- ثوب المغيب و أنت شمس نهار
- أنت اندفعت إلى العلاء و غلغلوا
- في هوة لا تنتهي بقرار
- لا يستوي الجيلان هذا مقبل
- نحو الحياة و ذاك في إدبار
- ظنونك سخرية الزمان و نهزه
- للطامعين و لعبة الأغرار
- حتى أبنت عن اللظى في ملمس
- و كشفت في شرب عن الأكدار
- أنت العباب سجا و أغفى حاجبا
- خلف السجو منية البحار
- أنت الزمان صفا ليهوي سيفه
- بعد الصفاء على يدي جبار
- إن الشعوب شكون داء واحدا
- رغم التنائي و اختلاف الدار
- أغلالهن مجمعات في يد
- رعناء تنشرها على الأقطار
- فإذا حطمت فلست وحدك حاطما
- تلك القيود غنيت بالأنصار
- لاوفق الأشرار في أن يخرقوا
- قلب النضال بكاذب الأخبار
- هل يأمن المطعون من جلاده
- إلا لقاء الصارم البتار
- و الأرض ليس لها من غاسل
- رجس الطغاة سوى دم الثوار
المزيد...
العصور الأدبيه