الأدب العربى >> الشعر >> العصر الحديث و المعاصر >> بدر شاكر السياب >> دار جدي >>
قصائدبدر شاكر السياب
- مطفأة هي النوافذ الكثار
- و باب جدّي موصد و بيته انتظار
- و أطرق الباب فمن يجيب يفتح ؟
- تجيبني الطفولة الشباب منذ صار
- تجيبني الجرار جف ماؤها فليس تنضح
- بويب غير أنها تذرذر الغبار
- مطفأة هي الشموس فيه و النجوم
- الحقب الثلاث منذ أن خفقت للحياة
- في بيت جدي ازدحمن فيه كالغيوم
- تختصر البحارفي خدودهن و المياه
- فنحن لا نلم بالردى من القبور
- فاوجه العجائز
- أفصح في الحديث عن مناجل العصور
- من القبور فيه و الجنائز
- و حين تقفز البيوت من بناتها
- و ساكينها من أغانيها و من شكاتها
- نحس كيف يسحق الزمان إذ يدور
- **
- أأشتهيك يا حجارة الجدار يا بلاط يا حديد يا طلاء
- أأشتهي التقاءكن مثلما انتهى إلي فيه ؟
- أم الصّبا صباي و الطفولة اللعوب و الهناء
- وهل بكيت أن تضعضع البناء
- و أقفر الفناء أم بكيت ساكنيه ؟
- أم أنني رأيت في خرابك الفناء
- محدقا إليّ منك من دمي
- مكشرا من الحجار ؟ آه أيّ برعم
- يربّ فيك ؟ برعم الردى غدا أموت
- و لن يظل من قواي ما يظل من خرائب البيوت
- لا أنشق الضياء لا أعضعض الهواء
- لا أعصر النهار أو يمصّني المساء
- **
- كأنّ مقلتي بل كأنني انبعثت ( أورفيوس )
- تمصّه الخرائب الهوى إلى الجحيم
- فيلتقي بمقلتيه ، يلتقي بها بيورديس
- أة يا عروس
- يا توأم الشباب يا زنبقة النعيم
- طريقة ابتناه بالحنين و الغناء
- براعم الخلود فتحت له مغالق الفناء
- و بالغناء يا صباي يا عظام يا رميم
- كسوتك الرواء و الضياء
- طفولتي صباي أين أين كلّ ذاك ؟
- أين حياة لا يحد من طريقها الطويل سور
- كشر عن بوّابة كأعين الشباك
- تفضي إلى القبور
- و الكون بالحياة ينبض : المياه و الصخور
- وذرة الغبار و النمال و الحديد
- و كل لحن كل موسم جديد
- الحرث و البذار و الزهور
- وكل ضاحك فمن فؤاده و كل ناطق فمن فؤاده
- وكا نائح فمن فؤاده و الأرض لا تدور
- و الشمس إذ تغيب تستريح كالصغير في رقاده
- و المرء لا يموت إن لم يفترسه في الظلام يب
- أو يختطفه مارد و المرء لا يشيب
- ( فهكذا الشيوخ منذ يولدون
- الشعر الأبيض و العصي و الذوقون )
- **
- و في ليالي الصيف حين ينعس القمر
- و تذبل النجوم في أوائل السحر
- أفيق أجمع الندى من الشجر
- في قدح ليقتل السعال و الهزال
- و في المساء كنت أستحمّ بالنجوم
- عيناي تلقطانهن نجمة فنجمة وراكب الهلال
- سفينة كأن سندباد في ارتحال
- شراعي الغيوم
- و مرفأي المحال
- و أبصر الله على هيئة نخلة كتاج نخلة يبيضّ
- في الظلام
- أحسه يقول : يا بني يا غلام
- و هبتك الحياة و الحنان و النجوم
- وهبتها لمقلتيك و المطر
- للقدمين الغصّتين فاشرب الحياة
- وعبّها يحبّك الإله
- أهكذا السنون تذهب
- أهكذا الحياة تنضب ؟
- أحس أنني أذوب أتعب
- أموت كالشجر
المزيد...
العصور الأدبيه