الأدب العربى >> الشعر >> العصر الحديث و المعاصر >> بدر شاكر السياب >> حدائق وفيقة >>
قصائدبدر شاكر السياب
- لوفيقة
- في ظلام العالم السفليّ حقل
- فيه مما يزرع الموتى حديقة
- يلتقي في جوها صبح و ليل
- و خيال و حقيقة
- تنعكس الأنهار فيها و هي تجرى
- مثقلات بالظلال
- كسلال من ثمار كدوال
- سرّحت دون حبال
- كل نهر
- شرفة خضراء في دنيا سحيقة
- ووفيقة
- تتمطى في سرير من شعاع القمر
- زنبقي أخضر
- في شحوب دامع فيه ابتسام
- مثل أفق من ضياء و ظلام
- و خيال و حقيقة
- أي عطر من عطور الثلج و انِ
- صعّدته الشفتان
- بين أفياء الحديقة
- يا وفيقة ؟
- و الحمام الأسود
- يا له شلال نور منطفي
- يا له نهر ثمار مثلها لم يقطف
- يا له نافورةً من قبر تموز المدمّي تصعد
- و الأزاهير الطوال الشاحبات الناعسة
- في فتور عصّرت أفريقيا فيه شذاها
- ونداها
- تعزف النايات في أظلالها السكرى عذارى لا نراها
- روّحت عنها غصون هامسة
- وفيقة
- لم تزل تثقل جيكور رؤاها
- آه لو روّى نخيلات الحديقة
- من بويب كركرات لو سقاها
- منه ماء المد في صبح الخريف
- لم تزل ترقب بابا عند أطراف الحديقة
- ترهف السمع إلى كل حفيف
- ويحها ترجو و لا ترجو و تبكيها مناها
- لو أتاها
- لو أطال المكث في دنياه عاما بعد عام
- دون أن يهبط في سلّم ثلج و ظلام
- ووفيقة
- تبعث الأشذاء في أعماقها ذكرى طويله
- لعشيش بين أوراق الخميله
- فيه من بيضاته الرزق اتقاد أخضر
- أي أمواج من الذكرى رفيقة
- كلما رفّ جناح أسمر
- فوقها والتم صدر لامعات فيه ريشات جميله
- أشعل الجوّ الخريفيّ الحنان
- واستعاد الضمّة الأولى و حواء الزمان
- تسأل الأموات من جيكور عن أخبارها
- عن بباها الربد عن أنهارها
- آه و الموتى صموت كالظلام
- أعرضوا عنها و مروا في سلام
- و هي كالبرعم تلتف على أسرارها
- و الحديقة
- سقسق الليل عليها في اكتئاب
- مثل نافورة عطر و شراب
- و خيال و حقيقة
- بين نهديك ارتعاش يا وفيقة
- فيه برد الموت باك
- و اشرأبّت شفتاك
- تهمسان العطر في ليل الحديقة
المزيد...
العصور الأدبيه