الأدب العربى >> الشعر >> العصر الحديث و المعاصر >> إيليا أبو ماضي >> وردة وأميل >>
قصائدإيليا أبو ماضي
- يا ليتما خلق الزمان أميلا
- إني أراه كالشّباب جميلا
- ولّى، فودّعت السماء بهاءها
- من بعده ،هوى النّهار عليلا
- جنحت ذكاء إلى الغروب كأنما
- تبغي رقادا أو تريد مقيلا
- وتناثرت قطع السحاب كأنها
- الجيش الملّهام إذا انثنى مفلولا
- هذا وقد بسط السكون جناحه
- والليل أمسى ستره مسدولا
- قد بات كلّ مسهّد طوع الرّقاد،
- وكلّ جفن بالكرى مكحولا
- إلا مهفهفة بها نزل الهوى
- ضعيفا ولكن لا يريد رحيلا
- غيداء قد وصلت ذوائبها الثّرى
- أني لأحسد ذلك الموصولا
- تحكي المدامة رقة وقساوة
- تحكي المهاة لواحظا وتليلا
- ماء الحياء يجول في وجناتها
- فكأنّ في تلك الكؤوس شمولا
- والخدّ أبهج ما يكون موردا
- والطرف أفتن ما يكون كحيلا
- نظرت وربّ منية من نظرة
- قد كان عنها ربّها مشغولا
- فهوت وربّ هوى تنال به تامنى
- وهوى ينال به الحمام نبيلا
- والحبّ مصدره العيون وربّما
- تخذ السماع إلى القلوب سيلا
- فإذا عشقت فلا تلم أحدا سوى
- عينيك ، إنّ من العيون قتولا
- ودّت وقد نال الذّبول خدودها
- لو أن في الشّوق المقيم ذبولا
- وإذا تملّكت الصّبابة في امرىء
- لم بجد عذل العاذلين فتيلا
- سمعت دويا في الظّلام فهرولت
- مذعورا بعد الوقوف طويلا
- وأنين مختضر يقول قتلتني
- ثكلتك أمّك لم أنل مأمولا
- تعدو وتجذبها روادفها إلى
- خلف فتجهد خضرها المتبولا
- فكأنّ في ذاك الوشاح متّيما
- وكأنّ في ذاك الإزار عذولا
- تخذت من اللّيل المخّيم صاحبا
- ومن الأنين إلى الأنين دليلا
- تبغي الوّقوف على حقيقة أمره ،
- تبغي حليلا لا تراه جليلا
- وتدير في تلك البنان مسدّسا
- تركت قذائفه السهام فضولا
- في طرفه كمن الهلاك فلو رنا
- طرف الزّمان إليه عاد كليلا
- قد أسكنت أكر الرّصاص جفونه
- فكأنّ أكبادا تجنّ غليلا
- يحمي الضعيف من القوي وربّما
- قتل الجبان به الفتى البهلولا
- ومن الأسى لم تعرف الحسنار هل
- قطعت ذراعا في السّرى أم ميلا
- حتى إذا رأيت المراد وما رأت
- إلا خيالا واقفا مجهولا
- حسبته قاتل من تحبّ وأيقنت
- أنّ الذي علقت به المقتولا
- فدنت وأطلقت المسدّس نحو من
- بصرت به عرضا فخرّ قتيلا
- صرعت فتى صرع الرّقيب وجندلت
- أسدا يخرّ له الهزير ذليلا
- كالبدر حسنا ، كالغمام سماحة،
- كالغصن غضّا، كالحسام صقيلا
- ثبت الجنان قويّة، عف الإزارنقيّه ،
- ما خان قطّ خليلا
- هذا هو الدّنف الذي أرضى الهوى
- فيها، وأغضب كاشحا وعذولا
- ما نال بعد جهاده إلا الرّدى
- والبدر يكسيه المسير أفولا
- لم تعلم الحسناء أنّ قتيلها
- من لم تر أبدا سواء جميلا
- عرفت وذلك عندما طلع الضّحى
- ورأت عيانا نعشه محمولا
- لم يبلغوا القبر المعدّ لدفتيه
- إلا وقد بلغ الرّدى العطبولا
- يا صاحبي إن جزت في قبريهما
- فاتل السّلام عليهما ترتيلا
- من شاعر ما حرّك الغصن الهوا
- إلا تذّكر وردة وإميلا
المزيد...
العصور الأدبيه