الأدب العربى >> الشعر >> العصر الحديث و المعاصر >> إيليا أبو ماضي >> فلوريدا >>
قصائدإيليا أبو ماضي
- يا جنّة قبلما حلّت بها قدمي
- أحببتها قصّة و اشتقت زاويها
- كانت لها صورة في النفس حائرة
- مثل القصيدة لم تنسج قوافيها
- وددت لو أنّها تمّت فيبصرها
- غيري ، و تسكره مثلي معانيها
- و كيف تكمل في ذهني و لم أرها
- و ما لصورتها شيء يحاكيها ؟
- و أيّما نغمة أدّى عذوبتها
- كلام راو و لا شاد يغنّيها
- أأنشق العطر لم أهبط خمائلها ؟
- و أشرب السحر لم أسمع قماريها ؟
- و تصعد النفس منّي للسماء و لا
- حبال نور تدلّت من دراريها ؟
- كانت سعادة نفسي في تصوّرها
- و النفس يسعدها و هم و يشقيها
- بالوهم توجد دنيا لا وجود لها
- و تنطوي عنك دنيا أنت رائيها
- فكم ظمئت و في روحي جداولها
- و كم رويت و غيري في سواقيها
- قد كنت من قبل مثل الناس كلّهم
- أقول إنّ إله الكون باريها
- حتّى نظرت إليها في جلالتها
- فصار كلّ يقيني أنّه فيها !
- لمّا رأيت الجمال الحقّ أدركني
- زهد بكلّ جمال كان تمويها
- كأنّما الحور مرّت في شواطئها
- في ليلة طفلة رقّت حواشيها
- ففي الرمال سناء من تضاحكها
- و في المياه أريج من أغانيها
- أتيتها بشباب ضاع أكثره
- و غيّبته اللّيالي في مطاويها
- فاسترجع الحبّ قلبي فهو مغتبط
- و عادت الروح خضراء أمانيها
- *
- سئلت ما راق نفسي من محاسنها ؟
- فقلت للناس : باديها و خافيها
- و ما حببت من الأشجار ؟ قلت لهم :
- إنّي افتتنت بكاسيها و عاريها
- و ما هويت من الأزهار ؟ قلت لهم :
- ألحبّ عندي لناميها و ذاويها
- قالوا : و ما تتمنّى ؟ قلت مبتدرا :
- يا ليتني طائر أو زهرة فيها
- فربّ أنشودة من بلبل غرد
- حوت حكاية حبّ خفت أحكيها
- وربّ روح كروحي في بنفسجة
- و سنى أطلّت على روحي تناجيها
- وربّ قطره ماء لا غناء بها
- شاهدت مصرع دنيا في تلاشيها
- كلّ الذي لاح في أرضها حسن
- و أحسن الكلّ في عيني أهاليها
- إلاّ ذوو السحن السوداء واعجبا
- أجنّة و ذباب في نواحيها ؟
- إنّي ليكبت روحي أن ألاحظهم
- بمقلة أبصرت فيها غوانيها
- دع المساويء في الدنيا فما برحت
- فيها محاسن تنسينا مساويها
- كم حاول اللّيل أن يطوي كواكبه
- فكان ينشرها من حيث يطويها
- واذكر أكارم قوم عنصرهم
- و أشبهوا بسجاياهم أقاحيها
- بني بلادي ! و فيكم من خمائلها
- جمالها و التّسامي من روابيها
- تسلّت النفس عن أحبابها بكم
- لولاكم لم يكن شيء يسلّيها
- أكرمتموني فشكرا غير منقطع
- دوام شكرك للنعماء يبقيها
المزيد...
العصور الأدبيه