الأدب العربى >> الشعر >> العصر الحديث و المعاصر >> إيليا أبو ماضي >> عبد اللّه البستاني >>
قصائدإيليا أبو ماضي
- يا ميّتا فيه جمال الحياة
- ما حاز منك اللحد إلاّ الرفات
- أنت الفتى الباقي بآثاره
- ما أنت بالمرء إذا مات مات!
- وكيف يمتدّ إليك الردى
- وذاتك الحسناء في ألف ذات؟
- إذا اختفى في الورد لون الضحى
- فالذنب ذنب الأعين الناظرات
- يصوّح الزهر ويبقى الشّذى
- ويذهب المرء وتبقى الصفات
- يا نائما أغفى عن الترّهات
- إنّي وجدت الموت في الترّهات
- أإن مضى الشيء تقول انقضي
- إذن، فمن أين تجيء الحياة؟
- أليس دنيا الصحو دنيا الكرى
- ومثل ظلّ العيش ظلّ الممات؟
- تقسّم الأشياء أفهامنا
- وليست النخلة إلاّ النواة
- وفي الغد الأمس ولكنّنا
- للجهل قلنا الدهر ماض وآت
- بعض الردى فيه نجاة الفتى
- وربّما كان الرّدى في النجاة
- يا قرويّا عظمت نفسه
- حتى ترضّتها نفوس العتاة
- وحسدته الصيد في كوخه
- وحسدت قريته العاصمات
- تلك السجايا لم تزل بيننا
- ساطعة كاالأنجم الزاهرات
- وعلمك الزاخر باق لنا
- ما بقيت في الأرض أمّ اللغات
- في أنفس الناس وألبابهم
- وفي بطون الير الخالدات
- وفي تلاميذك أهل الحجى
- والأدب الجم الجميل السّمات
- من شاعر كالروض أشعاره
- تسمع همس الحبّ فيه الفتاة
- وسامر تحسب أقواله
- مسروقة من مقل الغانيات
- وكاتب تشرق ألفاظه
- كالدّرر المختارة المنتقاة
- وصحب أخلاقهم كالمنى
- يروون عنك الحكم الغاليات
- لم يخترمك الموت يا دوحة
- باسقة قد خلّفت باسقات
- يا حجّة الفصحى ودهقانها
- وبحرها الطامي وشيخ الثقات
- ((ألضاد)) من بعدك في مأتم
- حاضرها والأعصر الغابرات
- فليس في لبنان غير الأسى
- وليس غير الحزن حول الفرات
- فمن يعزّي جبلا واحدا
- عزّى الرواسي في جميع الجهات
- سلختها سبعين من أجلها
- في عالم الطّرس ودنيا الدواة
- ألناس من حولك في قيلهم
- وأنت كالعابد وقت الصلاة
- غنيت بالضاد وأسرارها
- عن الغواني والطّلا والسقاة
- أنت الذي ردّ إليها الصبا
- إنّ الهوى يجترح المعجزات
- فاختلجت أوضاعها بالمنى
- وجال ماء الحسن في المفردات
- ولهجت باسمك آفاقها
- وردّدته في البوادي الحداة
- وحنّت النوق إلى سمعه
- وطربت من ذكره الصافنات
- فيا شبابا يطلبون العلى
- إنّ العلى للأنفس الماضيات
- ويا فقيرا يتمنّى الغنى
- هلاّ تمنّيت غنى المكرمات؟
- ويا سراة يبذلون اللّهى
- هذا فقير كان يعطي السراة!
- من روحه لا فيض أمواله
- إنّ هبات الروح أسمى الهبات
- لا يقتضي قاصده حمده
- ويشكر العافي الذي قال: هات
- وإن مضى العافون عن بابه
- سارت عطاياه وراء العفاة
- فكان كالكوكب يمشي على
- ضيائه الرّكب وذئب الفلاة
- وكان كالغيث إذا ما همى
- أصاب في الأرض الحصى والنبات
- وكان كالينبوع يرتاده
- ذو الشيم الحسنى وذو السيّئات
- وكالفضاء الرّحب في حلمه
- يضطرب البازي به والقطاة
- يا صاحب ((البستان)) نم آمنا
- فإنّ الموت زوال الشكاة
- ما غاب ماء غاب تحت الثّرى
- فأطلع النبت وأحيا الموات
المزيد...
العصور الأدبيه