الأدب العربى >> الشعر >> العصر الحديث و المعاصر >> إيليا أبو ماضي >> حديث موجة >>
قصائدإيليا أبو ماضي
- عندي لكم نبأ عجيب شيّق
- سأقصّه و عليكم تفسيره
- إنّي رأيت البحر أخرس ساهيا
- كالشيخ طال بما مضى تفكيره
- فسألت نفسي حائرا متلجلجا
- يا ليت شعري أين ضاع هديره ؟
- " بالأمس " قالت موجة ثرثارة
- و مضت ، فأكملت الحديث صخوره :
- بالأمس مرّ بنا فتى من قومكم
- رقّت شمائله ودقّ شعوره
- مترنّح من خمرة قدسيّة
- فيها الهوى و فتونه و فتوره
- مترفّق في مشيه يطأ الثّرى
- و كأنّما بين النجوم مسيره
- يلهو بأوتار الكمنجة و الدجى
- مرخيّة فوق العباب ستوره
- يهدي إلى الوطن القديم سلامه
- و يناشد الوطن الذي سيزوره
- فشجا الخضمّ نشيده و هتافه
- فسها ، فضاع هديره وزئيره
- أعرفتموه ؟ ... إنّه هذا الفتى
- هذا الذي سحر الخضمّ مروره
- " داود " و المزمار في نغماته ،
- و " الموصليّ " و معبد و سريره
- يا ضيفنا / و الأنس أنت رسوله
- و بشيره ، و الفنّ أنت أميره
- لو شاع في الفردوس أنّك بيننا
- لمشت إلينا سافرات حوره
- ذهب الربيع و جئتنا فكأنّما
- جاء الربيع زهوره و طيوره
- ألفن هشّ إليك في أمرائه
- و تفتّحت لك دوره و قصوره
- إنّ الجواهر بالجواهر أنسها
- أمّا التراب فبالتراب حبوره
- يا شاعر الألحان إنّي شاعر
- أمسي ضئيلا عند نورك نوره
- أسمى الكلام الشعر إلاّ أنّه
- أسماه ما أعيا الفتى تصويره
- و أحبّ أزهار الحدائق وردها
- و أحبّ من ورد الرياض عبيره
- أنت الفتى لك في النسيم حفيفه
- و لك الغدير صفاؤه و خريره
- ألقوم صاغية إليك قلوبهم
- و اللّيل منصته إليك بدوره
- و بهذه الأوتار سحر جائل
- متململ كالوحي حان ظهوره
- إن كنت لا تهتاجه و تثيره
- فمن الذي يهتاجه و يثيره ؟
- دغدغ بريشتك الكمنجة ينطلق
- و يدبّ في أرواحنا تأثيره
- وامش بنا في كلّ لحن فاتن
- كالماء يجري في الغصون طهوره
- أدر على الجلّاس أكواب الهوى
- في راحتيك سلافه و عصيره
- فيخفّ في الرجل الحليم و قاره
- و يراجع الشيخ المسنّ غروره
- و تنام في صدر الشّجي همومه
- و يفيق في قلب الحزين سروره
- هذي الجموع الآن شخص واحد
- لك حكمة و كما تشاء مصيره
- إن شئت طال هتافه و نشيده
- أو شئت دام نواحه وزفيره
- إنّا و هبناك القلوب و لم نهب
- إلّا الذي لك قبلنا تدبيره !
المزيد...
العصور الأدبيه