الأدب العربى >> الشعر >> العصر الحديث و المعاصر >> إيليا أبو ماضي >> المجنون >>
قصائدإيليا أبو ماضي
- أطار عني النوم صوت في الدجى
- كأنه دمدمة الشّلال
- يصرخ، والريح تردّد الصدى
- في أذن الفضاء والتلال
- يا ليل هنيهة قبالي
- تر البرايا وأر الليالي
- أنا الشادي ، أنا الباكي،
- أنا العاري، أنا الكاسي
- أنا الخمرة والدنّ،
- أنا الساقي، أنا الحاسي
- خلعت ثوبا لم تفصّله يدي
- وهمت في الوادي بلا سريال
- وخلتني انطلقت من سلاسلي
- وخلصت ذاتي من الأوحال
- فلم أزل أرسف في أغلالي
- ولم أزل في حندس المحال
- فما أبكي من الغربة
- عن جار وعن خدن
- فقد يرجع جيراني
- وتبقى غربتي عني
- عرفت في النهار كل مقبل
- ومدبر، وما عرفت حالي
- واستترت عني السهول والربى
- تحت الدجى ، والبحر ذو الأهوال
- لكنما لم تستتر_ آمالي
- عني ولا نقصي ولا كمالي
- ولا ضعفي، ولا عزمي ،
- ولا قبحي، ولا حسني
- فكم أهرب من نفسي
- وما لي مهرب مني
- فقلت من هذا ؟ فقال صحبي
- موسوس يهذي من الخيال
- يأوي إلى الأدغال في نهاره
- كأنه جزء من الأدغال
- وفي الدجى له صراخ عال
- كأنه والليل في نضال
- كأن الليل يوثقه
- بأغالا وأمراس
- ويضرب جسمه العاري
- بسوط الظالم القاسي
- ما أن رآه أحد إلاّ رآه
- شاخص الطرف إلى الأعالي
- كأنما يرقب ركبا صاعدا
- أو هابطا وليس غير الآل
- كأنما يخشى على الهلال
- وسائر الشهب من الزوال
- فصاح الصوت : ما أرجوه
- في نفسي وما أحذر
- فهما رحب الأفق
- فنفسي الأفق الأكبر
- ليس جلال الليل ما أدهشني
- وإنما أدهشني جلالي
- ولا جمال الشهب ما حيّرني
- وإنما حيّرني جمالي
- إن كان بي شوق إلى وصال
- فإنّما شوقي إلى خيالي
- توشّحت الضحى والليل
- في أنسي وفي حزني
- فما زاد الدجى خوفي
- ولا زاد الضحى أمني
- لم هاجر الناس فأصناف الورى
- من السلاطين إلى الموالي
- إلى ذوي العلم ، إلى أهل الغنى
- من واصل وهاجر وسال
- وحاضر وسابق وتال
- في قبضتي ((اليمنى)) بلا جدال
- تلاقى الأحمق الجاهل
- والعالم في كفي
- ومن كان له إلف
- ومن كان بلا إلف
- وفي يدي ((الشمال)) أشكال المنى
- وصور اليقين والضلال
- وكلّ ما لعاقل أو جاهل
- من لذة أو ألم قتّال
- وسائر الأمور والأحوال
- وكلّ شيء قال شخص : ذا لي
- وكان الليل قد أزمع
- أن يحدو مطاياه
- فساد الصمت في الوادي
- كأن الموت يغشاه
- فسرت والفجر دليلي باحثا
- في الغاب والسفوح والتلال
- فلم أجد غير صريع هامد
- منطرح في جانب الشّلال
- ((لا شيء)) في قبضته الشمال
- وليس في اليمنى سوى ((صلصال))
المزيد...
العصور الأدبيه