الأدب العربى >> الشعر >> العصر الحديث و المعاصر >> إيليا أبو ماضي >> الفردوس الضائع >>
قصائدإيليا أبو ماضي
- ما زال يمشي في الأمو بفكره
- حتّى تمشّى النّوم في الأجفان
- وكما يرى الوسنان راء كأنّه
- في النّعش ميت هامد الجثمان
- وعلى جوانب نعشه صفّان
- من جند ((ألبرت)) الرّفيع الشّان
- يبكونه لا شامتين بموته
- ليس الشّماتة عادة الشجعان
- ورأى حواليه جماهير الورى
- تستعلرض الملحود في الأكفان
- وكأنّما كره اختلاط رفاته
- في الأرض بالضّعفاء والعبدان
- أو أنّ مرأى الحشد أقلق روحه
- في جسمه فهفا إلى الطّيران
- ومن العجائب في كرى أنّ الفتى
- يغدو به وكأنّه شخصان
- ...
- أمّ السّماء وقد توهّم أنّه
- لا شكّ والجها بلا استئذان
- ما زال يرقى صاعدا حتى انتهى
- حيث الغناء مثالث ومثاني
- فرمى بناظره فأبصر بابها
- فمشى إليه مشية العجلان
- وأقام يفرعه فأقبل ((بطرس))
- ذو الأمر في الفردوس والسّلطان
- وأدار فيه لحظه فإذا به
- ضيف، ولكن ليس كالضّيفان
- ما جاءنا بك؟ صاح ((بطرس)) غاضبا
- يا شرّ إنسان على الإنسان
- إذهب فما لك في السّما من موضع
- يا أيّها الرّجل الأثيم الجاني
- ثمّ انثنى للباب يحكم سدّه
- والضّيف لم ينبس ببنت لسان
- ما ذي الفظاظة ؟ قال((وليم)) وانثنى
- لليأس كالمصفود في الأقرا
- وبمثل لمح الطّرف أسرع هابطا
- نحو الجحيم يقول ذاك مكاني
- هيهات يحرم من جهنّم عائد
- من جانب الفرّدوس بالحرمان
- حتّى إذا ما صار دون رتاجها
- سميع ((الزّعيم)) يصيح بالأعوان
- أبني جهنّم أوصدوا أبوابكم
- واستعصموا كالطّير بالأوكان
- كونوا على حذر ففي هذا الضّحى
- يأتي إلينا قيصر الألمان
- إن كنتم لم تعلرفوه فإنّه
- رجل بلا قلب ولا وجدان
- أخشى على أخلاقكم إن زاركم
- وهي الحسان تصير غير حسان
- إيّاكم أن تسمحوا بدخوله
- فدخوله خطر على السّكان
- أمري لكم أصدرته فخذوا به
- وحذار ثمّ حذار من عصياني
- ماذا تراني؟ صاح ((وليم)) باكيا
- حتّى الأبالس لا تحبّ تراني
- ابليس ، يا شيخ الزّبانية الألى
- كانوا لأخداني من الأخدان
- رحماك بي ،فاللّيل قاس برده
- والهول يملأ ناظري وجناني
- بجهنّم، بالسّاكني حجراتها
- بمواقد النّيران ، بالنّيران
- وبكلّ شيطان مريد ماكر
- وبكلّ تابع مارد شيطان
- مر ينفتح باب الجحيم فإنّني
- قد كاد يجمد للصقيع لساني
- يا ليت شعري أين أذهب بعدما
- سدّ السّبيل وأوصد البابان
- مر لي بزاوية أزجّ بمهجتي
- فيها، وإن تك من حميم آن
- هلاّ قبلت تضرّعي؟ فأجابه
- إبليس، وهو يروع كالسّرحان
- لو كنت أعلم ما سكتّ فلا تزد
- لا أرى للحيران في الحيران
- عبثا تحاول أن تصادف عندنا
- نزلا، فهذا ليس بالإمكان
- لا تذكرنّ ليّ الحنان وما جرى
- مجراه، إني قد قتلت حناني
- لا يدخلنّ جهنّما ذو مطمع
- بالمجد أو بالأصفر الرّنّان
- إن كنت تشتاق الإقامة في اللّظى
- فالنّار والكبريت كلّ مكان
- فاجمعهما واصنع لنفسك منهما
- ولمن تحبّهم جحيما ثاني
- وهنا تقهقر ((وليم)) ثمّ اختفى
- ما بين ليل حالك ودخان
- فأفاق مذعورا يقلّب طرفه
- للرّعب في الأبواب والحيطان
- ويقول لا أنساك يا حلمي ولو
- نسجت علّي عناكب النّسيان
- ما راعني أنّي طردت من السّما
- أنا قانط من رحمة الدّيّان
- لكنّ طردي من جهنّم، إنّه
- ما دار في خلدي ولا حسباني
المزيد...
العصور الأدبيه