الأدب العربى >> الشعر >> العصر الحديث و المعاصر >> إيليا أبو ماضي >> الفراشة المحتضرة >>
قصائدإيليا أبو ماضي
- لو كان لي غير قلبي عند مرآك
- لما أضاف إلى بلواه بلواك
- فيم ارتجاجم هل في الجوّ زلزلة
- أم أنت هاربة من وجه فتّاك؟
- وكم تدروين حول البيت حائرة
- بنت الربى ليس مأوى الناس مأواك
- قالوا فراشة حقل لا غناء بها
- ما افقر الناس في عيني وأغناك!
- سماء غاوية، أطوار شاعرة،
- على زهادة عبّاد ونسّاك
- طغراء مملكة وشّى حواشيها
- من ذوّب الشمس ألوانا ووشّاك
- رأيت أحلام أهل الحبّ كلّهم
- لّما مثلت أمامي عند شبّاكي
- من نائمين على ذلّ وتربة
- ومن تجار وأشراف وأملاك
- وقصّ شكواك قلبي قصة عجبا
- من قبل أن سمعت أذناي شكواك
- أليس فيك من العشّاق حيرتهم؟
- فكيف لا يفهم العشّاق نجواك؟
- حلمت أن زمان الصّيف منصرم
- ويلاه! حقّقت الأيام رؤياك
- فقد نعاه إليك الفجر ترتعشا
- وليس منعاه إلاّ بعض منعاك
- فالزهر في الحقل أشلاء مبعثرة
- والطير؟.. لا طائر إلاّ جناحاك
- مدّ النهار إليه كفّ مختلس
- وفتّح الليل فيه سفّاك
- شاء القضاء بأن يشقى فجرّده
- من الحلّي وأن تشقي قأبقاك
- لم يبق غيرك شيء من محاسنه
- ولا من العابدين الحسن إلاّك
- تزوّد الناس منه الأنس وانصرفوا
- وما نزوّد إلاّ اليأس جفناك
- يا روضة في سماء الروض طائرة
- وطائرا كالأقاحي ذا شذّى ذاك
- مضى مع الصّيف عهد كنت لاهية
- على بساط من الأحلام ضحّاك
- تمسين عند مجاري الماء نائمة
- وللأزاهر والأعشاب مغداك
- فكلّما سمعت أذناك ساقيه
- حثثت للسفح من شوق مطاياك
- وكلّما نوّرت في السفح زنبقة
- صفّفت من طرب واهتّز عطفا
- فما رشفت سوى عطر ولا انفتحت
- إلا على الحسن المحبوب عيناك
- وكم لثمت شفاه الورد هائمة
- وكم مسحت دموع النرجس الباكي
- وكم ترجّحت في مهد الضياء على
- توقيع لحن الصبا أو رجعه الحاكي
- وكم ركضت فأغريت الصغار ضحى
- بالركض في الحقل ملهاهم وملهاك
- منّوا بأسرهم إياك أنفسهم
- فأصبحوا بتمنّيهم أساراك
- جروا قصارهم حتى إذا تعبوا
- وقفت ساخرة منهم قصاراك
- لولا جناحاك لم تسلم طريدتهم ،
- قد نجّياك، ولكن أين منجاك؟
- ها أنت كالحقل في نزع وحشرجة
- وهت قواك كما استرخى جناحاك
- أصبحت للبؤس في مغناك تائهة
- كأنه لم يكن بالأمس مغناك
- فراشة الحقل ... في روحي كآبته
- مما عراه ومما قد تولاّك
- أحببته وهو دار تلعبين بها
- وسوف تهواه نفسي وهو مثواك
- قد بات قلبي في دنيا مشوّشة
- منذ التفت إلى آثار دنياك
- لا يستقرّ بها إلاّ على وجل
- كالطير بين أحابيل وأشراك
- خلت أرائك كانت أمس آهلة
- غنّاء ، فاليوم لا شاد ولا شاك
- أرض خلاء وجوّ غير ذي ألق
- بلى، هناك ضباب فوق أشواك
- كيف اعتذارك إن قال الآله غدا:
- هل الفراشة كانت من ضحاياك؟
- يا نغمة تتلاشى كلّما بعدت
- إن غبت عن مسمعي ما غاب معناك
- ما أقدر اللّه أن يحييك ثانية
- مع الربيع كما من قبل سوّاك
- فيرجع الحقل يزهو في غلائله
- وترجعين وأغشاه فألقاك
المزيد...
العصور الأدبيه