الأدب العربى >> الشعر >> العصر الحديث و المعاصر >> إيليا أبو ماضي >> الشاعر في السماء >>
قصائدإيليا أبو ماضي
- رآني اللّه ذات يوم
- في الأرض أبكي من الشقاء
- فرقّ، واللّه ذو حنان
- على ذوي الضرّ والعناء
- وقال: ليس التراب دارا
- للشعر، فارجع إلى السماء!
- وشاد فوق السّماك بيتي
- ومدّ ملكي على الفضاء
- فالتفّت حول عرشي
- وسار في طاعتي الضياء
- وصرت لا ينطوي صباح
- إلا بأمري ولا مساء
- ولا تسوق الغيوم ريح
- إلاّ ولي فوقها لواء
- فالأمر بين النجوم أمري
- لي الحكم فبيها ولي القضاء
- ...
- لكنّني لم أزل حزينا
- مكتئب الروح في العلاء
- فاستغرب اللّه كيف أشقى
- في عالم الوحي والسّناء
- وقال: ما زال آدميّا
- يصبو إلى الغيد والطّلاء
- ومسّ روحي واستلّ منها
- شوقي إلى الخمر والنساء
- وظنّ أنّي انتعى بلائي
- فلم يزدني سوى بلاء
- واشتدّ نوحي وصار جهرا
- وكان من قبل في الخفاء
- وصار دمعي سيول نار
- وكان قبلا سيول ماء
- ...
- يا أيّها الشاعر المعنّى
- حيّرني داوّك العياء
- هل تشتهي أن تكون طيرا؟
- فقلت: كلاّ، ولا غناء!
- هل تشتهي أن تكون نجما؟
- أجبت : كلاّ ولا بهاء!
- هل تبتغي المال؟ قلت: كلاّ
- ما كان من مطلي الثراء
- ولا قصورا ، ولا رياضا
- ولا جنودا ولا إماء
- وليس ما بي ، يا ربّ، داء
- ولا احتياجي إلى دواء
- ولا حنيني إلى القناني
- ولا اشتياقي إلى الظباء
- ولا أريد الذي لغيري
- ذا حكمة كان أم مضاء
- لكن أمنية بنفسي
- يسترها الخوف والحياء!
- فقال: يا شاعرا عجيبا
- قل لي إذن ما الذي تشاء؟
- فقلت: يا ربّ، فصل صيف
- في أرض لبنان أو شتاء
- فإّنني هنها غريب
- وليس في غربة هناء!
- فاسضحك اللّه من كلامي
- وقال: هذا هو الغباء
- لبنان أرض ككلّ أرض
- وناسه والورى سواء
- وفيه شيء تشتاق فيه؟
- فقلت: ما سرّني وساء
- تحنّ نفسي إلى السواقي ،
- إلى الأقاحي، إلى الشّذاء
- الى الروابي تعرى وتكسي،
- إلى العصافير والغناء
- الى العناقيد ، والدوالي،
- والماء، والنور، والهواء!
- فأشرف اللّه من علاه
- يشهد ((لبنان)) في الماء
- فقال: ما أنت ذو جنون
- وإنّما أنت ذو وفاء
- فإنّ لبنان ليس طودا،
- ولا بلادا،لكن سماء!
المزيد...
العصور الأدبيه