الأدب العربى >> الشعر >> العصر الحديث و المعاصر >> إيليا أبو ماضي >> السجينه >>
قصائدإيليا أبو ماضي
- لعمرك ما حزني لمال فقدته
- ولا خان عهدي في الحياة حبيب
- ولكني أبكي وآندب زهرة
- جناها ولوع بالزهرة لعوب
- رآها يحلّ الفجر جفونها
- ويلقي عليها تبره فيذوب
- وينقض عن أعطافها النور لؤلؤا
- من الطلّ ما ضمت عليه جيوب
- فعالجها حتى استوت في يمينه
- وعاد إلى مغناه وهو طروب
- وشاد فأمست في الإناء سجينة
- لتشبع منها أعين وقلوب
- ثوت بين جدران كقلب مضيمها
- تلّمس فيها منفذا فتخيب
- فليست تحبي الشمس عند شروقها
- وليست تحبي الشمس حين تغيب
- ومن عصيت عيناه فالوقت كلّه
- لديه ، وإن لاح الصباح ، غروب
- لها الحجرة الحسناء في القصر إنما
- أحب إليها روضة وكثيب
- وأجمل من نور المصابيح عندها
- حباحب تمضي في الدجى وتؤوب
- ومن فتيات القصر يرفض حولها
- على نغمات كلهنّّ عجيب
- ترافض أغصان الحدقة بكرة
- وللريح فيها جيئة وذهوب
- وأجمل منهنّ الفراشات في الضحى
- لها كالأماني سكنة ووثوب
- وأبهى من الديباخ والخزّبالدّمى
- فضاد تشعّ الشهب فيه رحيب
- تحنّ إلى مرأى الغدير وصوته
- وتحرم منه ، والغدير قريب
- وليس لها للبؤس في نسم الرّبى
- نصيب ، ولم يسكن لهنّ هبوب
- إذا سقيت زادت ذبولا كأنما
- يرشّ عليها في المياه لهيب
- وكانت قليل الطلّ ينعش روخحها
- وكانت بميسور الشّعاع تطيب
- بها من أنوف الناشقين توعّك
- ومن نظرات الفاسقين ندوب
- تمشّى الضنى فيها وأيار في الحمى
- وجفّت وسربال الربيع قشيب
- ففيها كمقطوع الوريدين صفرة
- وفيها كمصباح البخيل شحوب
- أيا زهرة الوادي الكئيبة إنني
- حزين لما صرت إليه كئيب
- وأكثر خوفي أن تظني بني الورى
- سواء، وهم مثل النبات ضروب
- وأعظم حزني أنّ خطبّك بعده
- مصائب شتّى لم تقع وخطوب
- سيطرحك الإنسان خارج داره
- إذا لم يكن فيك العشية طيب
- فتمسين للأفذار فيك ملاعب
- وفي صفحتك للنعال ضروب
- إسارك، يا أخت الرياحين ، مفجع
- وموتك، يا بنت الربيع ، رهيب
- ولكنها الدنيا، ولكنه القضا
- وهذا، لعمري ، مثل تلك غريب
- فكم شقيت في ذي الحياة فضائل
- وكم نعمت في ذي الحياة عيوب
- وكم شيم حسناء عاشت كأنها
- مساوىء يخشى شرّها وذنوب
المزيد...
العصور الأدبيه