قصائدإبراهيم محمد إبراهيم



قبو الدمع
إبراهيم محمد إبراهيم



  • أدخلني قاسمُ في قبوِ الدّمعِ

  • وقال: اعتصِرِ الرّوحَ هُنا ..

  • كانَ يبوحُ،

  • وكُنتُ أُلوّنُ بالأخضرِ

  • ما تركَ البارودُ على خاصِرةِ النّهرِ

  • من البُقعِ السوداءِ،

  • وأمسحُ جُرحَ النّخلِ النازِفِ

  • حينَ يفيضُ على خدّيهِ

  • بقلبي ..

  • أدخلني قاسِمُ سوقَ الورّاقينَ بلا قلمٍ،

  • قال: اكتُب بالممحاةِ على صدرِ الشارعِ

  • علّ الجاحِظَ يغضبُ

  • أو يُعلِنُ توبتهُ ..

  • أدخلني هاتِفه،ُ والخطَّ المحقونَ

  • بِأنّاتِ ثكالى بغدادَ

  • وأخرجني خلقاً آخرَ

  • قاسِمُ

  • ألقيتَ بسنّارتِكَ الخرقاءِ

  • بِلا طُعمٍ

  • في الليلِ

  • على سمكِ الرّوحِ،

  • فلم تصطدْ غيرَ البُؤْسِ ..

  • أنا مِثلُكَ،

  • ألقيتُ شِباكي في اليمِّ

  • لِحورِيّاتِ البحرِ

  • وعُدتُ بِلا أُنثى ..

  • يقتسِمُ الشّعراءُ القهوةَ

  • والطاوِلةَ العرجاءَ

  • على ناصِيةِ العُمرِ

  • ونقتسِمُ الدّمعةَ ..

  • من يُشبِهُنا في الحُزنِ

  • سيُلقي سِنّارتهُ ..

  • من يفقهُ تعويذةَ هذا الليلِ

  • سيُدرِكُ، أن الدّمعَ القادِمَ أثقلُ

  • والأجفانَ الموسومةَ بالسُّهدِ،

  • ستغفو كالصّحراءِ على الشّوكِ.

  • أزِحْ عن جفنيكَ النهرَ الآسِنَ

  • بالمدّ الليلِي،ّ

  • وفِضْ بصباحاتِ الفلاّحينَ

  • وخبزِ الفلاّحاتِ

  • على قَحْطِ اللّحظةِ.

  • أمطِرْ هذا الجَدبَ حُروفا

  • توقِظُ فيهِ الكَمَأَ السّاهي

  • والجُمّارَ النّاعِسَ

  • في أصلابِ النّخلِ،

  • فأُمّكَ يُطرِبُها الشّعرُ

  • بِرائِحةِ الطّلعْ.

  • تسألُني،

  • إن كان هُنا ثَمّ فراشاتٌ في الحَيّ

  • تحومُ على الوردِ الذّابِلِ؟

  • قُلتُ أجلْ ..

  • ثَمّ فراشاتٌ

  • تقتاتُ من الحُزنِ

  • لِتبعثَ في الكونِ الفرحَ المَنسِيّ،

  • وأُخرى

  • تمتَصُّ بقايا أعيادِكَ

  • حتى يكبَرَ فيك الموتْ.

  • توقِظُني أُختُ فراشاتِ الليلِ

  • فينتبِهُ الخِصبُ بِقلبي ..

  • ثُمّ تقولُ كفا سهراً ..

  • تِلكَ فراشةُ روحي ..

  • سيّدةُ الليلِ المُمتَدّ جُنوناً

  • حَدَّ الحِكمةِ،

  • أفتحُ حينَ ينامُ الخلقُ شبابيكي

  • كيْ تدخُلَ

  • ثُمّ أنامْ.

  • توقِظُني أُختُ فراشاتِ الليلِ

  • فتنتبِهُ الأيّامْ.

  • توقِظُني

  • ثُمّ تقولُ كفا سهراً ..

  • في آخرِ قبوِ الدّمعِ،

  • تلألأَ نجمُ الشّعرِ قليلاً،

  • فتلألأتُ ..

  • خبا

  • فخبوتُ ..

  • أسرّ إليّ الولهُ الصّوفيُّ

  • بقُربِ اللّقيا

  • فكتمتُ السِرّ،

  • وأسرَرْتُ إلى الوَردِ الذّابلِ فيَّ

  • اتّقدَ الشّوقُ بهِ

  • فتوقّدتُ ..

  • قالت: يا نارُ ..

  • فقلتُ: كفا برداً

  • آنَ لِثلجِكِ أن يُكوى

  • أن يتذمّرَ

  • أن يتمطّى نهراً

  • تمتدُّ أصابِعُهُ في عطشِ الموجوعينَ

  • بمن نضبوا

  • أن يتصاعدَ في الأُفقِ سحاباً

  • أن يهمي لُغةً تقدحُ فِيَّ العشقَ

  • وتبعثني

  • عُشباً،

  • وَرْداً،

  • شجراً ..

  • لا يصفرُّ

  • إذا اصْفَرَّ ربيعُ العُشّاقْ.

  • سيّدةَ الليلِ

  • فراشةَ روحي

  • ما زِلتِ تحومينَ على لهبي

  • بجناحيكِ المحترقينِ من الأطرافِ؟

  • أما زِلتِ تعُبينَ من الأحلامِ المبتورةِ ..؟

  • عُبّي

  • فالموعدُ يدنو ببشاراتِ السَّحَرِ الولهى ..

  • كفّاكِ تذوبانِ بِكفّيَّ

  • كشمعةِ قلبي ..

  • الشمسُ تغوصُ إلى سابِعِ أرضٍ

  • و(الزُّهرةُ)

  • يصعدُ

  • يصعدُ

  • يصعدُ ..

  • ينثُرُ نوّارَ الليلِ على هامِ السّمْرِ،

  • وينثُرُنا في الصّحراءِ حديثاً

  • تحمِلُهُ الريحُ إلى الريحْ.

  • موعِدُنا

  • لأْلاءُ نجومٍ

  • تتضوّرُ عِشقاً في الأُفْقِ

  • وفي الأرضِ تواشيحْ.

  • والسَّمْرةُ تبكي

  • حينَ طويتِ حصيرتكِ الخضراءَ،

  • وذئبُ الجبلِ الولهانُ

  • على السفحِ يصيحْ.

  • الموعِدُ مالَ كقُرصِ الشمسِ

  • بُعيدَ اللُّقيا،

  • كيفَ يميلُ ومازال بنا

  • من شوكِ النّأيِ تباريحْ؟

  • جُرعةُ حُبٍّ

  • لاتروي ظمأَ الدّهرِ بحلقي ..

  • كيفَ تعودينَ بفيضِكِ؟

  • كيفَ تنامينَ بهذا النهرِ الجارِفِ وحْدَكِ؟

  • كيفَ أعودُ وحيدأً؟

  • كيفَ نؤوبُ

  • ورائحةُ الجنّةِ في ثوبينا،

  • نتوكّأُ بالجمرِ إلى غُربتنا ..

  • ونُغادرُ محرابَ الوجدِ القُدسِيِّ

  • بقايا أدعيةٍ كلمى

  • وغُبارَ تسابيحْ؟

  • مولاتي

  • ها حلّ الليلُ

  • ومن ثُقبٍ في بابِ الجنّةِ

  • هذي النّسمةُ تسري ..

  • خيمتُنا قُبّةُ هذا الكونِ

  • وقلبانا رجعُ خُطى الهِجراتِ

  • على البطحاءِ

  • وروحانا

  • ونجومُ الليلِ

  • بهذا العُرسِ مصابيحْ.

  • ها عُدتُ

  • وبي مِنكِ العِطرُ الفضّاحُ،

  • ومن بغدادَ

  • الدّمعُ الموؤودُ بزاوِيةِ الرّوحِ

  • ومن بابِ القَبْوِ الموصودِ

  • بوجهِ الحُزنِ القادِمِ

  • يا ليلايَ

  • مفاتيحْ.

  • ها عُدتُ

  • كما كُنتُ إلى طاوِلتي

  • أتهجّى أوراقي البيضاءَ،

  • أُمنّي النّفسَ بِشيءٍ أكتُبُهُ

  • قبلَ غُروبِ الشّعرِ

  • وقبلَ بُزوغِكِ ثانيةً ..

  • علّيَ أقرأُ بينَ يديكِ

  • لقاسِمَ وِرداً للفَرَحِ المنسِيِّ

  • بذاتِ السّيحِ المُتباهي

  • بفراشاتِ الليلِ

  • وأغزِلُ قلبيَ في وادي البوحِ

  • حِبالَ نجومٍ

  • ما بين السّمرةِ والسّمرةِ

  • للعُشّاقِ أراجيحْ.



أعمال أخرى إبراهيم محمد إبراهيم



المزيد...

العصور الأدبيه

واجهه المكتبه تفتح على شكل كتاب!

واجهه المكتبه تفتح على شكل كتاب!



أهم 12 نصيحه عند شراء شقتك بالتقسيط