قصائدإبراهيم محمد إبراهيم



عروة في المرآة
إبراهيم محمد إبراهيم



  • كئيبةٌ سماؤُك،

  • مطوق بالضجر من جهاتك الأربع.

  • تبحثُ عن زاويةٍ للصمت تلوذُ بها،

  • وعن جهةٍ خامسةْ..

  • لم يبقَ للآخرينَ خيارٌ،

  • إلا أن يتركوكَ وشأنكَ،

  • لتواجهَ مصيرَك ومصيرَهُم ،

  • لا لشيءٍ ..

  • إلا لأنك عروةْ.

  • يتسلّلُ صوتٌ مُتهدّجٌ من عمقِ الصحراءِ،

  • متعكّزاً على حظٍّ أعرجْ.

  • يطرقُ جمجمَتكْ،

  • ويتردّدُ صداهُ داخلَها ..

  • أوجزْ ..

  • يتقطّعُ الصوت ،

  • يتلاشى ..

  • يعودُ ثانيةً ،

  • بما يُشبهُ تمتماتِ المعابدِ البوذيّةِ

  • أوجزْ ..

  • يختفي الصوت ..

  • تنتابُكَ حالةٌ من الغثيانِ والشّعورِ بالوحدةِ والخوف،

  • ترفع يديكَ عالياً ..

  • تتفقّدُ رأسَكَ،

  • تمرّرُ يديكَ على وجهِكَ،

  • تَرْتَخِيانْ ..

  • تسقُطُ اليسرى خارِجةً عن سيطرتِك،

  • فيما تستقرُّ اليمنى على موضعِ القلبْ.

  • تُغمِضُ عينيكَ قليلاً،

  • تجلِسُ تاركاً يديكَ تنسابانِ إلى جانبي المقعَد،

  • محاولاً استعادةَ توازنِكَ ولملمةَ أفكارِكَ،

  • مُسْتَفِزّاً ذاكرَتَكَ باستدعاءِ تلكَ الخيوطِ المفقودةِ

  • والعلاقاتِ التي تربِطُ الصّوتَ بالصدى

  • والصحراءَ بالإيجازِ

  • وعروةَ بعروةْ.

  • تفتحُ عينيكَ ..

  • فإذا بالمكانِ تعلوهُ مسحةٌ من زُرقةِ الحياةِ

  • وإذا بالصوتِ يعودُ صافياً

  • وكأنّهُ

  • ينسابُ من الضميرِ

  • ليصُبَّ في الضميرْ.

  • دعوةٌ مُلِحَّةٌ إلى الإيجازِ

  • ورغبةٌ عارمةٌ في البوحِ

  • وحبلُكَ مشدودٌ

  • مابينَ الذاكرةِ والرُّؤى ..

  • مُنقطِعٌ منْ لا ينظرُ إلى الوراءْ.

  • أعمى، من لا يُبصِرُ الوردةَ خلفَ هذا الجبلْ.

  • منافقٌ من ينشطِرُ بين النِّدّينْ.

  • قوِيٌّ من يمُدَّ بينهما الحبلْ.

  • ضعيفٌ من لا وُجْهَةَ لهْ.

  • مارِقٌ من يحزُّ بشفرتِهِ ما اتّصَلْ.

  • تستحثُّ الخُطى ..

  • ليلةٌ ،

  • ليلتانِ ،

  • ثلاثْ ..

  • لا يعُدُّ الحِجارَةَ من قادِهُ حلمهُ ..

  • وحدَها المُعجزاتُ تفيقُ ،

  • إذا نامَ فيكَ السّؤالْ.

  • من هُنا،

  • عند مَواطِىءِ أحزانِنا،

  • يبدأ الحلمُ ،

  • وإليها يعودْ.

  • تِلكُم دورةٌ كاملةْ.

  • فالخُطوطُ ، لا تَتِمُّ استقامتُها

  • ولا يكتملُ مداها ،

  • إلا حينما تُلامِسُ بِداياتِها الأولى ..

  • - هي الدوائر إذن ..

  • - لا ..

  • بل محض الاستقامةْ.

  • إنكَ تمقتُ الأحلامَ المنقطعةَ ،

  • تلكَ التي نتلمّسُ أطرافها الأخرى بمنتهى اليُسرِ ،

  • وتعشقُ تلكَ التي لا تشي إلا بالبداياتْ ..

  • أنت لا تسْتلذُّ بالعذاباتِ ،

  • لكنك لا تطيقُ الخديعةْ.

  • وردةٌ خلفَ هذا الجبلْ.

  • يستبدُّ بها الخفقانُ

  • إذا ما تفتّحَ قلبي ..

  • أنتَ لاتعلمُ الغيبَ،

  • ولستَ كاشفاً للحُجُبْ،

  • لكنك لا تُعَوِّلُ كثيراً على عينيكَ

  • في قراةِ الحُبِّ والأحلامِ والثورة

  • فتلكَ أبجديّةُ يختصُّ بها القلبْ.

  • دليلُكَ لا يُخطِىءُ الهدفَ أبداً ..

  • فهل يُضطرُّ من هذا دليلهُ ،

  • إلى تأجيلِ مشاريعِهِ حتى يطلُعَ النهارْ ..؟

  • مادامتْ مرآتُكَ صافيةً

  • فحتماً، أن هذا الذي تراهُ، هو وجهُكَ

  • وحتماً أن كل الذي تراهُ يتحرّكُ حولَكَ

  • في هذا الزلزال،

  • هو محضُ خوفٍ ويأسٍ وارتباكْ.

  • أجل .. يُمكِنُكَ أنْ تلتفِتَ إلى الوراءِ،

  • بل يجبُ عليكَ ذلكَ،

  • إذا أحسَسْتَ بأنّ الفراغَ خلفَ ظهرِكَ يَتَنامى ..

  • لكِنْ حذارِ أن يبتلعَكَ ذلكَ الوَحْشْ.

  • وِحْدَتُكَ هي ملاذُكَ الأخيرْ،

  • حتى تُصبِحَ الفِكرةُ مشاعاً ..

  • ليس فرداً من يحملُ على عاتقِهِ خلاصَ الجماعة.

  • وحدهُ الفردُ،

  • من ذابتْ ملامِحُهُ وسْطَ حَشْدٍ ليسَ له سماتْ.

  • قابِلٌ أنتَ للتحوّلِ ..

  • لكنْ ليسَ غلى فراغْ.

  • هل يستطيعُ أحدٌ أن يجزِمَ،

  • بأن حباتِ المطرِ هذه

  • لم تسقُطْ من قبلُ على مكانٍ آخرْ ؟

  • لم يمُتْ عُروةُ ..

  • فالأفكارُ لا تموتْ.

  • ينصحُكَ الذينَ يدّعونَ مودَّتَكَ ،

  • بأنْ تُلقي ببعضِ سِماتِكَ على الحاجبِ،

  • قبل لقائِكَ الحاسمْ.

  • فهل يُشيرُ إلى الحقيقةِ،

  • من يُمسكُ بعصاهُ من النّصفْ ..؟

  • نصفُ السؤالِ خوفْ.

  • نصفُ الإجابةِ إبهامْ.

  • نصفُ الموقفِ هزيمةْ.

  • نصفُ الحقِّ باطِلْ.

  • ثمّةَ أمورٌ،

  • لا تقبلُ القِسْمَةَ على أكثر من واحدْ

  • ولا تخضعُ لمنطِقِ فنّ المُمْكِنِ

  • حتى في بيوتِ الفجورْ.

  • يقفونَ على منابِرِهِمُ الهشّةِ،

  • مُلقينَ بِخُطَبِهِمُ الرّكيكةِ

  • باسمِ الجماهيرِ الأبيّةِ

  • وتقفُ وحدَكَ صامتاً ..

  • لتُفْحِمَ الجميعْ.

  • أنتَ تتدخّلُ في السياسةِ.

  • بل هي التي تتدخّلُ حتى في لونِ حذائي.

  • خارِجٌ على النّظامِ

  • من يتّقي الصّفْعةَ بيديهِ،

  • أو يصرُخُ من شدّةِ الألمْ.

  • إذا رأيتَ الدّبّابةَ تُزاحِمُ الناسَ في الطّرُقاتِ،

  • فاعلمْ أنّ الجولةَ للشارعْ.

  • وإذا رأيتَها مرّةً،

  • تستعرِضُ مفاتنَها مُغطّاةً بالوردِ،

  • في إحدى المناسباتِ الوطنيّةَ،

  • فاعلمْ أنّها ليستْ للحربْ.

  • ثمةَ كائناتٌ

  • لم توجدْ إلا لتحقيقِ انحرافٍ ما ..

  • تقولُ ابنتي :

  • أيُّنا يستحقُّ العِقابَ،

  • أنا أمْ أخي ؟ ..

  • أمَنْ يُشعِلُ النّارَ في صُحُفِ اليومِ ،

  • أمْ مَنْ يُحاوِلُ إطفاءَها ..؟

  • فأيقنتُ ،

  • أن الذي يستحقُّّ العِقابَ .. أنا.

  • كثيرا ما نحلُمُ،

  • بأن تتحقّقَ أمانينا المؤجّلةُ

  • في أولادنا ..

  • فإذا ما حدثَ ذلكَ،

  • نِدمْنا ..

  • جميلٌ أن نحلمَ ،

  • لكن علينا أن نُدرِكَ أنّ زمانَ مُمارسةِ الحلمِ،

  • هو بالضرورةِ غيرُ زمانِ تحقّقِهِ

  • ولِكُلِّ أغنيةٍ ،

  • مُفرداتُها

  • وموسيقاها.

  • فلماذا الأحلامُ إِذَنْ ؟

  • حتى لا يبتلِعَنا الفراغُ من الخلفْ ..

  • كعادتِنا ..

  • في الليالي الطويلةِ

  • نُقصِرُ من كل شيء ..

  • ونُخفِضُ أصواتَنا ،

  • حين يبزُغُ نجمٌ جديدْ.

  • سواحِلُنا مُرّةٌ ..

  • وأحلى بشائِرِها ،

  • أنّها لا تبوحْ ..

  • سواحِلُنا،

  • والليالي الطويلةُ

  • والصمتُ

  • قهوتُنا في الصباحِ البعيدْ.

  • * * *

  • أيها المساءُ الجميلْ.

  • أيتُها الأبوابُ، التي تُفضي إلى الروحْ.

  • أيتها النجومُ التي تعملُ بصمتْ.

  • أيتها الوجوهُ المألوفةُ،

  • والمُكْتَظّةُ في الذاكرةْ.

  • ايها الهاربون من قبضةِ التاريخِ

  • واللّحودِ والجبالِ البعيدةْ.

  • أيها القلبُ المُنْهكْ.

  • ايها القلمُ البخيلْ.

  • ايتها المُستَعمَرةُ الصغيرةْ.

  • ايها السّجنُ الكبيرْ.

  • أيها الصّعلوكُ الموغِلُ في القِدَمِ والحداثةْ.

  • أيها الظالِمُ والمَظلومْ.

  • أيها الطالبُ والمطلوبْ.

  • أيها المُحاصِرُ والمُحاصَرْ.

  • أيها الكسيحُ المُقعدْ.

  • أيها المُطلِقُ ساقيهِ للرّيحْ.

  • أيها الصمتُ المُطبِقْ.

  • أيها البوحُ العظيمْ ..

  • كم هي الحياةُ ضيّقةٌ

  • على من يسكنُها،

  • وفضفاضة

  • على من تسكُنُهْ ..

  • قليلٌ من الزادِ يكفي لقطعِ هذه المفازةْ.

  • يتنادونَ،

  • بتلك الصحراءِ القفرِ طويلاً

  • يسمعُ كلُّ مِنْهُمْ صوتَ أخيهِ ولا يُدْرِكُهُ

  • أما عُرْوَةُ،

  • بعد أن استَعْمَلَهُ العِشقُ على أعلى تَلٍّ

  • كان يرى المسرحَ من كُلّ جوانبهِ

  • ويُفنّدُهم صوتاً صوتاً ..

  • كان يرى الأشياءَ ،

  • كما لم تظهرْ من قبلُ لعينٍ ظامئةٍ ..

  • كان يرى في العُشْبِ اليابِسِ،

  • ماسوفَ يؤولُ إليهِ العُشْبُ اليابسُ

  • أو ماكان عليهِ ..

  • كان يرى الدّورةَ كاملةً ..

  • سدّدْ عروةُ،

  • قوسُكَ من تلكَ الحبّةِ

  • والسّهمُ يُشيرُ إلى أكثرِ من هدفٍ ..

  • هي لحظةٌ نسترقُها في غفلة من الوقتِ،

  • تلك التي تتّكئُ عليها الأزمنةُ الخالدةْ.

  • هي خطوةُ أولى في طريقِ السؤالِ،

  • تلك التي تفتحَ فيضَ الإجابةْ.

  • إذا أسعَدَكَ حلمكَ الذي تحقّقَ بلا سعي منكَ،

  • ولم تُشَكّكْ في صدقِ تلك السّعادةِ،

  • فاعلمْ أنّكَ صيدٌ هيّنْ.

  • ليس بعدُ

  • ليلنا أطولُ من هذا الكلامْ.

  • والرُّؤى جزرٌ ومدٌّ.

  • لعنةُ التاريخِ تقفوكَ،

  • وقدّامكَ تاريخٌ ألدُّ.

  • أنتَ عشقُ النخلِ للنخلِ،

  • وماللعشقِ والنخلةِ في عُرفِكَ حدُّ.

  • بثيابِ الحُزنِ غامرتَ، لثوبِ العُرسِ

  • تستجدي القوافلْ.

  • تسألُ التجّارَ عن دربِ الحريرِ،

  • انْشَقَّ وجهُ الدّربِ في وجهكَ دربينِ

  • وما انشقّ بك العشقُ ..

  • وسلمى تستعِدُّ.

  • حيثما عُدْتَ،

  • وُلوجٌ في الغدِ المُبهمِ،

  • أو يمَّمْتَ سَدُّ.

  • مُزَقُ ذِكراكَ

  • واللُّقيا،

  • وإن شَحَّ بها الإرعادُ وِرْدُ.

  • أنت والإقبالُ والإدبارُ،

  • إقبالٌ على الحتفِ

  • وحتفُ العاشقِ المَوْتورِ مهْدُ.

  • أيها النسرُ،

  • وقد شاءَتْ نسورُ الّلاتِ

  • أن تتبعَ ماتتلو الحماماتُ

  • على مُلكِ اليتامى ..

  • وما خان اليتامى

  • ولكن الحماماتِ تخونُ.

  • أيها النّسرُ،

  • جبالُ اللهِ مأواكَ

  • فهذا السهلُ يانسرُ ،

  • شباكٌ وعيونُ.

  • ليلنا أطولُ من مرثيّةٍ

  • تُتْلى على قبرِ أبي الفتحِ ..

  • وئيدةٌ خطوهُ

  • بين بيوتٍ ، سلبوها الملحَ

  • أو باعتْهُ للبحرِ مراراً

  • رأفةً بالبحرِ

  • أن يفقدَ سيماهُ ، بعينِ الساحِلِ الأعمى ..

  • * * *

  • تريده كما هوَ ..

  • أو هكذا تدّعي ..

  • وتحبّهُ لذاتِهِ وصفاتِهِ معاً ، أو هذا ما يُحِسُّهُ ويقرأهُ

  • في عينيها ، كلّما اخْتلى بها في مساحةٍ من البيتِ

  • منسيّةٍ أو زاويةٍ من زوايا السّكينةِ الخاليةِ من

  • العلاقاتِ أو التداخلاتِ الأخرى ..

  • ..........

  • فإذا ما دخل في خِضَمِّ التّفاعلِ متوغّلاَ في

  • الخصوصيّةِ والحوارِ الساخنِ والمُحتدِمِ بين الذاتِ

  • والصفاتِ، أنكرتْهُ جملةً وتفصيلاً ..

  • فهي تحبّ أن تراهُ دائماً ، بشكلهِ البسيطِ ، تماماً ،

  • كالذي ينظرُ إلى لوحةٍ تشكيليةٍ ولأولِ مرّةٍ بشكلٍ

  • سطحيٍّ ومباشرٍ ، دون المغامرةِ في الكشفِ عن

  • العلاقاتِ التي تربط الألوان بعضها ببعض،

  • والخطوطَ المستقيمةَ والمائلةَ منها والأكثرَ ميلاناً،

  • وغيرَ ذلك من علاقاتِ وملامحِ تلك اللوحةْ.

  • تحب أن تراهُ مجزّأَ ، مُفَكّكاً ، لكي تستطيعَ هي،

  • وبطريقتِها الخاصّةِ، إعادةَ صياغتِهِ وتركيبِهِ

  • بالصورةِ التي تحلو لها، لا التي يحاولُ هو أن

  • يتلمّسَ ملامِحَها في مرآةِ نفسهْ.

  • تحبّهُ شاعراً صادِقاً ، وتكرهُ فيهِ الجرأةْ.

  • تحبّهُ حكيماً متأملاً، وتكرهُ فيهِ الشرودْ.

  • تحبّهُ بطلاً مغامراً، وتكرهُ أن تراهُ على قمّةِ جبلْ.

  • تحبّهُ كريماً، وتكرهُ فيه العُسرْ.

  • تحبّهُ عفيفاً، وتكرهُ أن تراهُ مُصَعِّراً خدّهُ للدنيا.

  • تحبّهُ فاعلاً، مثابراً، وتكرهُ فيهِ الغِيابْ.

  • فيالها من امْرأةٍ،

  • ومن بلدٍ،

  • تلك التي تقتُلُني،

  • لأنها تُحِبُّني ..



أعمال أخرى إبراهيم محمد إبراهيم



المزيد...

العصور الأدبيه

واجهه المكتبه تفتح على شكل كتاب!

واجهه المكتبه تفتح على شكل كتاب!



أهم 12 نصيحه عند شراء شقتك بالتقسيط