قصائدإبراهيم محمد إبراهيم



انكفاءة على إمرأة ووطن
إبراهيم محمد إبراهيم



  • في سُترتِهِ يَندسُّ

  • مُنكفئاً

  • يتحرّى الكونَ

  • ويرسمهُ حسبَ رؤاهُ.

  • فالزّحمةُ تُبعِدُهُ عنهُ،

  • وتفاهاتُ الشارعِ

  • تُقصيهِ عن بعضِ سجاياهُ.

  • ماكان رماديّا أبداً،

  • كان بياضاً صِرفاً في كلّ الأحوالِ

  • وكان إذا حلّ الليلُ ونامَ النسّكُ

  • أفاقَ،

  • وحمّل بالشوقِ مطاياهُ.

  • كان يُجاهرُ في صمتٍ

  • تقرأُ في عينيهِ،

  • أهازيجَ البحرِ وثورتَهُ

  • حين تُثَرْثِرُ في الأسواقِ الأفواهُ.

  • أقصوهُ

  • ثم اجتهدوا في فكّ طلاسمِهِ

  • فازداد غموضاً ..

  • واستعذبَ خُلوتَهُ

  • وتوسّدَ جُلّ مراياهُ.

  • كان جديداً كالصّبحِ

  • ومغسولاً بندى النّخلِ

  • يمدُّ الكونَ شراعاً

  • يرحلُ في ملكوتِ الأشياءِ

  • يُؤَوِّلُها كيفَ يشاءُ.

  • بِكراً كان العالمُ في عينيهِ

  • ومشحوناً بالدّهشةِ ..

  • علّمهُ الصمتُ

  • كلامَ المنسيينَ بأركانِ الليلِ،

  • فالغَ فيهِ

  • حتى أجراهُ لغةً كالفُلِّ

  • على ألسنةِ الطيرِ

  • وأفئدةِ العُشّاقْ.

  • كان يخُطُّ الشّعرَ بلا أوراقْ.

  • ينقشُ في ذاكرةِ الصّحوِ المُطلقِ غفوتهُ

  • مابين سمائينِ تصبّانِ السّهدَ

  • بعينيهِ الغارقتين بماء الحبِّ

  • وتنْصبّانِ به وجعاً حُلواً ..

  • تعرفهُ حين الصحراءُ تراهُ.

  • وأرصفة الليلِ الحُبلى بالأسرارِ

  • تعد خطاهُ.

  • حين يعودُ من الغيبةِ

  • متّشِحاً بالشوقِ

  • يفتشُ تحتَ الجدرانِ المنسيةِ

  • عن بعضِ بقاياهُ.

  • نزقٌ،

  • يوقِفُهُ اللّحنُ الغَجَرِيُّ

  • على أطرافِ أصابعِهِ

  • يزرعُ فيه الترحالَ وطعمَ البعدِ

  • إذا مر بهِ سحَرا كالطيفِ

  • بما أنْستْهُ الأيامُ.

  • يوصلهُ برِفاق

  • مازالوا يرعون النجمَ

  • ويختطّونَ على الرّملِ قصائدَهُمْ

  • مازالوا بعْدُ على العهدِ

  • ومازال يُذَكّرهم بالملحِ

  • وبالفكرةِ حين تُساورُها الأوهامُ.

  • نزِقٌ

  • إلا في الحبِّ

  • وسهلٌ

  • إلا حين يضامُ.

  • هَوَتِ الأعوامُ عليهِ

  • كأشباحِ الموتِ,

  • وماحادَ

  • فما أفلحتِ الأعوامُ.

  • زُمَراً قاموا ..

  • لما ألفوه تيمّم بالغيمِ

  • وصلى الغائب ..

  • قالوا : ردوه إليكمْ،

  • حتى لا تفتَتِنَ الأرضُ

  • أقيموهُ على فيءِ البصرةِ ..

  • هذا من صُنعِ النخلِ،

  • تجذّرَ واستعصى ..

  • وضعَ الدنيا في كفّيهِ وغَرْبَاَها ..

  • فتهاوتْ من بين أصابعهِ رملاً ..

  • هذا من صُنعِ اللهِ،

  • تمرّدَ،

  • ألقى كل غُبارِ الرّجعةِ

  • حتى صار شفيفاً

  • ليس يُرى

  • إلا حين ينزُّ الجُرحُ بدمعِ امرأةٍ

  • ترفعُ عن كاهلهِ

  • قِسْطاً من بوحِ الصحراءِ

  • أعيدوهُ إلى الفصلِ الأوّلِ

  • من سِفرِ الأسفارِ

  • يهيمَ بوحشتِهِ ..

  • لا امرأةٌ تؤويهِ إليها،

  • لا قابلةٌ،

  • تُخرجُ منه الفكرةَ

  • أو تُخرجُهُ من رَحِمِ الحُزنِ.

  • دعوهُ عشراً ثانيةً

  • حتى يهرُمَ فيهِ الجمرُ

  • ويخبو ..

  • ثم تُهَدْهِدُهُ الرّيحُ رماداً

  • زُمَراً قاموا،

  • وهو هناكَ يصلّي ..

  • ويُعيدُ نظامَ الشّوكة في الميزانِ

  • وترتيبَ الأشياءْ.

  • مازال يصلي ..

  • ينفثُ من أقصى الوجعِ

  • الروحَ

  • بهذي البطنِ العاقِرْ.

  • مازال يصلّي ويُكابرْ.

  • يومُك يا إبراهيمُ طويلُ.

  • والحفرةُ حمراءٌ كلسانِ الطيرِ

  • وصدرُكَ عارٍ

  • إلا من وشْيٍ أنامِلها ..

  • يوم انتفضَ القلبُ الحالمُ

  • من رقدتِهِ ..

  • مازلتْ في الصدرِ أناملُها

  • تبحثُ عن زاوية ليس بها جرحٌ

  • مازالتْ تتحسّسُ أوردةً

  • تلهثُ فيها الخيلُ عقوداً ..

  • يومُكَ يا إبراهيمُ طويلُ.

  • ومداراتُك

  • خارجَ هذا الكونِ الباهِتِ

  • دربٌ آخرُ

  • للحب وللموتِ وللعودةِ.

  • لكن الحفرةَ

  • أوسعُ من أن يملأها

  • هذا الجسدُ المثقلُ بالشوقِ.

  • أروني قبراً آخرَ يحضُنني

  • يجمع فِيَّ شتاتَ الصوتْ.

  • قبراً ما مرّ بهِ أحدٌ قبلي ..

  • قبراً يصلُحُ للحُبّ وللموتْ.

  • قبراً لا يتعدى الشبرينِ

  • لقلبينِ صغيرينِ

  • وغُربةْ.

  • قلبينِ انتبها بعد أفولِ النجمِ

  • بأن الشمسَ ستحرقُ أستارَ الليلِ

  • وأن الساعةَ آتيةٌ لا ريبْ.

  • آه لو نقرأُ مافي الغيبْ.

  • لو كُنا نتهجّى الأيامَ الحُبلى ..

  • لزرعنا الرّمانَ الأسودَ

  • في البحرِ الأحمرِ للحيتانْ.

  • ونسجنا من أهدابِ بنات الموصلِ

  • أسلاكاً حول البستانْ.

  • لو تعلمُ سيدتي

  • ما تحت السترةِ من بركانْ.

  • لغَفوْتُ بعينيها الساهرتينِ العمرَ،

  • ولاسْتنطقتُ السَّيْحَ الظامِئَ والسّمرَ

  • ليشهدَ أن الموقدَ

  • مازال يُعطّرُ بالقهوةِ والهيلِ ظفيرتها

  • واسْتنطقتُ الجبل الضاربَ في الغيمِ

  • بأني مازلتُ أصلي ..

  • سيدةَ الجبلِ الشامخِ

  • فنجانُكِ بين الفرعِ المائلِ والموقدِ

  • يدعوكِ إليهِ ..

  • يتوسّلُني،

  • ألا أرفعَ أشرعتي قبلَ مجيئكِ

  • فالريحُ شِمالٌ

  • ورجالُ البحرِ قليلُ ..

  • يتوسلني،

  • ألا أبرح مُتّكئي هذا،

  • حتى تأتينَ بخبزِ الصبحِ

  • فقد أعددتُ القهوةَ لاثْنينْ.

  • أقسَمَ فنجانُكِ

  • ألا يبرُدَ حتى تأتينْ.

  • أقسَمِ أنكِ آتيةٌ لا ريبْ.

  • آه لوكنا نقرأ مافي الغيبْ.

  • جبلٌ،

  • وشجيراتٌ ظمأى

  • وبقايا آثارٍ

  • لفتىً أثقلهُ الشوقُ،

  • وبيتانِ من الشعرِ

  • على بابِ عروسِ البحرِ،

  • وسوسنةٌ في صدر الصّبْ.

  • أويكفي هذا للحبْ ؟

  • أويكفي ..

  • أن نكتبَ

  • ثم نموتَ

  • على قارعةِ الصمتِ

  • كأشجارِ الشارِعْ ..؟

  • ينقُرُنا في الليلِ حمامٌ

  • من كل جهاتِ الأرضِ

  • ونحن الأقربُ للشمسِ ؟

  • أودُّ الموتَ بقبرٍ

  • لا يتعدّى الشبرينِ

  • لقلبينِ صغيرينِ

  • وغربةْ.

  • هذا فنجانُكِ سيّدتي،

  • أسكبُهُ الآنَ

  • لتخضَرّ البطحاءُ

  • ويزهو البَرَمُ الذابِلُ في السّمْرْ

  • فانا لن أحرِقَ أشرِعتي

  • قبلَ عبورِكَ

  • ياوطني.



أعمال أخرى إبراهيم محمد إبراهيم



المزيد...

العصور الأدبيه

العثور على مومياء بلسان ذهبي في مصر

العثور على مومياء بلسان ذهبي في مصر



ماذا يجب أن تعرف عند شراء شقتك؟