الأدب العربى >> الشعر >> العصر الحديث و المعاصر >> إبراهيم محمد إبراهيم >> انحناءات >>
قصائدإبراهيم محمد إبراهيم
- بحرُ يا بحرُ،
- ياهامةً تنحني للسواحلِ
- تاركةً كبرياءَ السنينَ
- انكساراتِ وجدٍ ..
- تُراكَ تخاذَلْتَ مثليَ حين عشِقتَ،
- أم الوقتُ أرادكَ
- فوق الترابِ،
- صريعَ الأماني الجميلةِ ..؟
- ها هي ذي الأغنياتُ
- تعزّيك فيما بكيتَ،
- وفيما رأيتَ
- من الأنجُمِ الموغلاتِ
- بهذا الظلامِ السحيقِ.
- أراك تُحَمّلني
- عِبْءَ ما خلّفتْهُ الليالي الثقيلةُ
- كيف وفيكَ انطفاءُ الشموسِ،
- وفيكَ اشتعالي ..
- كنتَ أنتَ عزاءَ الطيورِ الغريبةِ
- تبسطُ من تحتها صدرَكَ الرَّحبَ ..
- تُرشدُها للحياةِ
- فمن ذا يؤجّجُ فيكَ الحياةَ،
- وقد رستِ الفُلكُ
- بعد انقضاءِ المواسمِ ..؟
- من ذا يُتوّج رأساً تَمَلّكهُ الوردُ،
- حتى اسْتَخَفّ بشوكِ المسافةِ ..؟
- من ذا يُروّضُ فيكَ جُموحَ الطفولةِ،
- أو يشتريكَ ببعضِ الكلامِ المُنَمْنَمِ،
- حين تموتُ القصائدُ
- بين الخليجِ ومصَرَ وقامةِ سلمى ..؟
- فاشْربِ المُرّ وحدَكَ،
- لا عاصمَ اليومَ من جُرعةٍ
- للبقاءِ أو الموتِ بين يديها.
- حالماً كالفراشاتِ كنتُ ..
- وحين أفقتُ،
- احْترقْتُ بنارِ الحقيقةِ،
- ياليتني ما أفقْتُ.
- حالماً كنتُ في عُشّها ..
- أعقد الليلَ بالليلِ،
- كي لا تفيقَ العصافيرُ
- بين ضلوعي
- وتلسعُني الشمسُ قبل الأوانْ.
- حالماً كنتُ ..
- لكنّني،
- أتَحَسّسُ كل المواضِعِ
- حين يُباغتُني الياسمينُ
- برائحةِ الزّعفرانْ.
- بحرُ يابحرُ،
- يا بعضَ شوقي إليها
- رويدكَ،
- فالغدُ موعدُنا ..
- سوف تأتي برائحةِ النخلِ
- شامخةً كالصباحِ
- وفي يدها جُلُّ ماقد تركتُ لديها.
- غداً تتحنّي بملحِكَ كلُّ النوارسِ،
- والأغنياتُ الحبيسةُ في شفتيها ..
- غداً نرتمي فوق موجكَ
- زوّادتينِ
- لهذا الطريقِ الطويلِ ..
- غداً نُطفِئُ الشمسَ
- قبل الغروبِ،
- نُعَلّقُ أحلى قصائدِنا
- في رقابِ الطيورِ
- ونسخرُ بالمستحيلِ ..
- بحرُ يابحرُ،
- ياهامةً تنحني
- كي تُقَوّمَ فينا انْحناءاتِ هذا الزمانِ
- وما أسقَطَ الدّهرُ
- من كبرياء السواحلِ
- قبل الخريفِ وبعد الخريفْ ..
- هاهو الشوقُ والشّعرُ والعاشقُ الطفلُ
- بين ذراعيكَ
- فلتحفظِ السِّرَّ
- حتى تعودَ الحقيقةُ عن غَيّها
- أو أعودَ إلى خيمةِ الزّاهدينَ
- لأخلو بها قصةً
- لاتموتْ.
المزيد...
العصور الأدبيه