الأدب العربى >> الشعر >> العصر الحديث و المعاصر >> إبراهيم اليازجي >> وداع وما يغني الوداع من الوجد >>
قصائدإبراهيم اليازجي
- وداع وما يغني الوداع من الوجد
- ولكنه زاد المشوق على البعد
- وما هي إلا وقفة عند فائت
- تمازج فيها مطعما الصاب والشهد
- نثبط أخفاق المطي استزاده
- للحظة عين قبل منقطع العهد
- كأن لم يكن دهر الوصال الذي مضى
- ولم نتمل الصفو في عيشه الرغد
- نفكر في ترك المغاني ومن يلي
- بموضعنا أن جدت العيس في الوخد
- مغان قضينا في حماها ليالياً
- من الدهر عزت أن تجدد من بعد
- أرق حواش من برود نسيمها
- وأعذب مما في النسيم من البرد
- وأصفى من الماء القراح إذا جرى
- يسيل على وجه الصفا طيب الورد
- فيا لك أياماً تقضي نعيمها
- كما يتقضى الحلم في غفلة الرقد
- إلا عللاني ساعة باذكارها
- ولا تصحياني أن سكرت من الوجد
- فكم من منى دانت لدينا وقد دنت
- بكل رواق وارف الظل ممتد
- أويقات ورق الروض من جلسائنا
- واكؤسنا ثغر الشقائق والورد
- تظللنا بيض السحائب في الضحى
- ويشملنا عرف النسائم في برد
- وتنثر كف النهر بالدر فوقنا
- ونحن من الزهر النضير على مهد
- كذلك كنا ثم بنا وقبلنا
- نبت بأبينا آدم جنة الخلد
- كذلك شأن الدهر في كل معشر
- ينيم مآقيهم وعيناه في الرصد
- وأن قصارى الأمر ما شاءه القضا
- فكل بصير عنده ضائع الرشد
- أردد شجوي بالوداع صبابة
- وهيهات ترديد الصبابة ما يجدي
- ومن عجب أني أطارح صبوتي
- روابي صماً لا تعيد ولا تبدي
- بلى ما عدت حالي فكل رباوة
- وقد بهتت للبين سامدة الفند
- تداعت بها الغربان تهتف بالنوى
- فصدق فيما رده هضمها المعبد
- ومر نسيم في الخمائل مخبراً
- فململ منها معطف البان والرند
- وهبت حمامات الرياض فرددت
- حنين الثكالي فوق أغصانها الملد
- لئن طاب هذا الشيق نفساً ببعدنا
- فإن فؤاد الغور أحفظ للود
- ستنهل منه كل عين الذكرنا
- بدمع جرى من مهجة الحجر الصلد
- وتبدي رياض الزهر في كل غدوة
- نواصي شعثاً لحن في الشعر الجعد
- وتغدو غمامات الضحى بعد بيننا
- بردن ندي واكف الهدب منقد
- وتذكرنا هذي الديار وأهلها
- إذا افتقدنا مقدم الوفد فالوفد
- وتعجب هذي الأرض بعد براحنا
- إذا التمستنا من صدى الغور والنجد
- تمتع قبيل الظعن من روضها الندى
- ومن عرفها الشافي ومن مائها العد
- فعما قليل أنت في متن سابح
- توقل في هضب وتهبط في وهد
- ورب يسير يحسب الحط كله
- إذا لم تجد فيه سبيلاً إلى الرد
المزيد...
العصور الأدبيه