الأدب العربى >> الشعر >> العصر الحديث و المعاصر >> إبراهيم العريض >> الغصن الذاوي >>
قصائدإبراهيم العريض
- لَهْفي على غُصْنٍ ذوى قَهْرا
- أودى ولمّا يُنبِتِ الزَْهّرا
- غُصْنٍ نضيرٍ كان يبعث من
- طيبِ الروائحِ حوله نَشْرا
- كُنّا نُؤمِّل أنْ يمدَّ لهُ
- فَرْعاً فنرفع فوقه وَكْرا
- ويُرى نضارتُه إذا انبثقتْ
- أوراقُه وبدتْ لنا خُضْرا
- فأتى عليه الدهرُ في قِصَرٍ
- وقضى على آمالنا قَسْرا
- يا دهرُ ويحَكَ كم تُبيد ولا
- يشفيكَ ما تجتزّه قهرا
- كم روضةٍ غَنّاءَ مُورقةٍ
- أسدلتَ دون نعيمها سِترا
- وطويتَ غُصناً كان منبثقاً
- وعريتَ عُوداً كان مُخْضَرّا
- يا دهرُ في جُنْح الدجى دُرَرٌ
- منثورُها آياتُكَ الكبرى
- يكفيكَ لو أحصيتَها عدداً
- البغضُ من حبّاتها الصُّغرى
- والحالُ يقضي أن تكونَ بها
- في غبطةٍ لا تُضمر الشَّرّا
- واهاً فما يدعوكَ تأخذ كُلْ
- ـلَ خَريدةٍ من أرضنا قهرا
- أتراكَ إنْ سألتْكَ والهةٌ
- عمّا بدا تُبدي لها عُذْرا
- غصبتْ يدُ الأيامِ لؤلؤةً
- كنّا نُؤمّلها لنا ذُخرا
- إن التي كانت لنا سَكَناً
- يا نفسُ فاضت روحُها حَسْرى
- أودى بها الدهرُ الخؤونُ وَلَمْـ
- ـمَا تقضِ من عهد الصِّبا زَهْرا
- عاشت على مضضِ الحياةِ ولو
- بقيتْ لما عرفوا لها قَدْرا
- ربّي قضيتَ بما قضيتَ فهل
- ألهمتَ قلباً حَبَّها صبرا
- يا حبُّ كنتَ إذا لجأتَ بنا
- تحنو عليكَ قلوبُنا شُكْرا
- لو غاب شخصُك َعن نواظرنا
- يوماً سكبنا الدمعَ مُحْمَرّا
- طابت لنا بوجودكَ الذكرى
- واليومَ أندبُ نفسَكَ الحَرّى
- كنّا كغُصنَيْ بانةٍ حملتْ
- من كلّ لونٍ زاهرٍ زَهْرا
- والعيشُ في روض المنى رَغِدٌ
- في ظلّ سَرْحٍ ينثر الدُّرّا
- كنّا زماناً لا يُكاتمنا
- أملٌ لأغراض الهوى سِرّا
- ما زالتِ الأيامُ تُنذرنا
- والنفسُ تحسب عُرْفَها نُكْرا
- والشُّهْبُ في الظلماء ترصدنا
- وتَعُدّنا ونَعُدّها دهرا
- حتى سكنَّ بنا على جدَثٍ
- خَطّتْ عليه يدُ الردى سَطْرا
- للنفس ساعاتٌ تُسَرُّ بها
- فتخال أنّ خلودَها يُشْرى
- لكنّها، والحقَّ قد جهلتْ،
- في القبر تلقى الراحةَ الكبرى
- لا أنسَ نظرتَكِ التي بعثتْ
- في القلب من آلامها جَمْرا
- أَأُخَيَّ قد أزف الرحيلُ فهلْ
- تبكي لفقدكَ أختَكَ الصُّغْرى
- في ذِمّة الأيّامِ لؤلؤةٌ
- مكنونةٌ أودعتُها القبرا
- ويحَ الجُسومِ الغُرِّ إنْ نزلتْ
- بعد الأحبّةِ منزلاً قَفْرا
- يا ساكنَ الأجداثِ هل نبأٌ
- يجلو حقيقةَ أمرنا جهرا
- حَدِّثْ بسرِّ الموتِ أنفسَنا
- إن كنتَ مِمّنُ يُدرك السِّرّا
- يا حبُّ خَبِّرْنا اليقينَ بأنْـ
- ـنا سوف نحيا نشأةً أُخْرى
- والجسمُ إنْ زالت معالمُهُ
- فالروحُ تبقى بعده دهرا
- تبقى تحوم كطائرٍ غَردٍ
- حتى تُقيمَ لنفسها وَكْرا
- عُودي إذن بالحقِّ راضيةً
- مَرْضيّةً يُسِّرْتِ لليُسْرى
- وتَبَوَّئِي عرشاً حَباكِ بهِ
- ربٌّ سما فوق النُّهى قَدْرا
- طوبى لها روحاً رأتْ كَدَراً
- في عالمٍ يعثو بنا غدرا
- فمضتْ من الأوصاب سالمةً
- تشدو بنعمة ربّها ذِكْرا
- يا ليلُ لا تَمننْ عليَّ يداً
- يا شمسُ لا تُفشي لنا سِرّا
- إن الحِمامَ جلاءُ غامضةٍ
- لا تبلغانِ لكُنْهها فِكْرا
- غمرَ الإلهُ بفيض رحمتهِ
- لحداً حواكِ وعَظَّمَ الأَجْرا
- إنْ غَيّبتْكِ صحائفٌ فلقد
- خَلّدتِ ما يُحيي به ذِكْرا
- سَقْياً لقبرٍ قد نزلتِ بهِ
- وسقى ثراكِ سحائبٌ تَتْرى
المزيد...
العصور الأدبيه