الأدب العربى >> الشعر >> العصر الحديث و المعاصر >> أحمد شوقي >> مُصابُ بَنِي الدنيا عظيمٌ بأَدهمِ >>
قصائدأحمد شوقي
مُصابُ بَنِي الدنيا عظيمٌ بأَدهمِ
أحمد شوقي
- مُصابُ بَنِي الدنيا عظيمٌ بأَدهمِ
- وأعظمُ منه حيرة ُ الشعرِ في فمي
- أأنطقُ والأنباءُ تترى بطيبٍ
- وأسكتُ والأنباءُ تترى بمؤلم؟
- أتيتُ بغالٍ في الثناءِ منضَّدٍ
- فمَنْ لي بِغالٍ في الرِّثاءِ مُنظَّم؟
- عسى الشعرُ أن يجزي جريئاً، لفقده
- بَكى التركُ واليونانُ بالدمع والدّم
- وكم من شجاعٍ في العداة ِ مكرَّمٍ
- وكم من جبانٍ في اللداتِ مذمَّم
- وهل نافعٌ جَرْيُ القَوافي لغاية ٍ
- وقد فتكتْ دهمُ المنايا بأدهم
- رمَتْ فأَصابت خيرَ رامٍ بها العِدَى
- وما السَّهمُ إلا للقضاءِ المحتَّم
- فتًى كان سيفَ الهندِ في صورة ِ امرىء ٍ
- وكان فتى القتيانِ في مسكِ ضيغم
- لحاهُ على الإقدام حسَّادُ مجدهِ
- وما خُلِقَ الإقبالُ إلا لمُقْدِم
- مزعزعُ أجيالٍ، وغاشي معاقلٍ
- وقائدُ جَرّارٍ، ومُزْجِي عَرَمْرَم
- سلوا عنه مليونا وما في شعابه
- وفي ذرويته من نسورٍ وأعظم
- وقال أناسٌ: آخرُ العهدِ بالملا
- وهمتْ ظنونٌ بالتراثِ المقسَّم
- فأَطْلَعَ للإسلام والمُلْكِ كوكباً
- من النصر في داجٍ من الشك مُظلِم
- ورحنا نباهي الشرق والغربَ عزَّة ً
- وكُنَّا حديثَ الشامتِ المترحِّم
- مَفاخرُ للتاريخ تُحْصَى لأَدهم
- ومَنْ يُقْرِضِ التاريخَ يَرْبَحْ ويَغْنَم
- أَلا أَيُّها الساعونَ، هل لَيس الصَّفا
- سواداً، وقد غصَّ الورودُ بزمزم؟
- وهل أقبلَ الركبانُ ينعونَ خالداً
- إلى كلِّ رامٍ بالجمارِ ومحرم؟
- وهل مَسجدٌ تَتْلُونَ فيه رِثاءَه؟
- فكم قد تَلَوْتُم مَدْحَهُ بالترنُّم!
- وكان إذا خاضَ الأسنة َ والظَّبى
- تَنَحَّتْ إلى أَن يَعْبَر الفارسُ الْكَمِي
- ومَنْ يُعْطَ في هذي الدَّنِيَّة ِ فُسْحَة ً
- يُعَمَّرْ وإن لاقَى الحروبَ ويَسْلم
- عليٌّ أَبو الزَّهراءِ داهية ُ الوغَى
- دهاهُ ببابِ الدّارِ سيفُ ابن مُلْجَم
- فروق، اضحكي وابكي فخاراً ولوعة ً
- وقُومي إلى نعش الفقيدِ المعظَّم
- كأمِّ شهيدٍ قد أتاها نعيُّة ُ
- فخفَّتْ له بينَ البكا والتبسُّم
- وخطِّي له بينَ السلاطينِ مضجعاً
- وقبراً بجنبِ الفاتح المتقدِّم
- بَخِلْتِ عليه في الحياة ِ بموكبٍ
- فُتوبي إليه في الممات بمأْتم
- ويا داءُ، ما أَنصَفْتَ إذْ رُعْتَ صدرَهُ
- وقد كان فيه الملكُ إن رِيعَ يَحتمِي
- ويا أيها الماشونَ حولَ سَريرِه
- أَحَطْتُم بتاريخٍ فَصيحِ التكلُّم
- ويا مصرُ، مَنْ شَيَّعْتِ أَعْلى همامة ً
- وأَثْبَتُ قلباً مِنْ رَواسِي المقطَّم
- ويا قومُ، هذا منْ يقام لمثله
- مثالٌ لباغي قدوة ٍ متعلِّم
- ويا بحرُ، تدري قدرَ مَنْ أَنت حاملٌ؟
- ويا أَرضُ، صونيه، ويا رَبِّي، ارْحَمِ
المزيد...
العصور الأدبيه