الأدب العربى >> الشعر >> العصر الحديث و المعاصر >> أحمد شوقي >> ممالكُ الشرقِ، أم أدراسُ أطلالِ >>
قصائدأحمد شوقي
ممالكُ الشرقِ، أم أدراسُ أطلالِ
أحمد شوقي
- ممالكُ الشرقِ، أم أدراسُ أطلالِ
- وتلك دولاته، أم رسمها البالي؟
- أَصَابَها الدهرُ إلاَّ في مآثرِها
- والدهرُ بالناس من حالٍ إلى حال
- وصار ما نتغنَّى من محاسنها
- حديث ذي محنة ٍ عن صفوه الخالي
- إذا حفا الحقُّ أرضاً هانَ جانبُها
- كأنها غابة ٌ من غيرِ رئبال
- وإن تحكَّم فيها الجهلُ أسلمها
- لفاتكٍ من عوادي الذل قتَّال
- نوابغَ الشرقِ، هزُّوهُ لعلّ به
- من الليالي جمودَ اليائس السَّالي
- إن تنفخوا فيه من روح البيانِ، ومن
- حقيقة ِ العلمِ ينهضْ بعدَ إعضال
- لا تجعلوا الدينَ باب الشرِّ بينكمُ
- ولا محلَّ مباهاة ٍ وإدلال
- ما الدينُ إلا تراثُ الناس قبلكمُ
- كلُّ امرىء ٍ لأبيه تابعٌ تالي
- ليس الغلوُّ أَميناً في مَشُورته
- مناهجُ الرشدِ قد تخفى على الغالي
- لا تطلبوا حقّكم بغياً، ولا صلفاً
- ما أبعدَ مصلحة ٍ ضاعت بإهمال
- كم همَّة ٍ دفعتْ جيلاً ذرا شرفٍ
- ونومة هدمتْ بنيانَ أجيال
- والعلمُ في فضله، أَو في مفاخِره
- ركنُ الممالكِ، صدرُ الدولة ِ الحالي
- إذا مشتْ أمّة ٌ في العالمين به
- أبى لها اللهُ أن تمشي بأغلال
- يقِلُّ للعلم عندَ العارفين به
- ما تقدر النفسُ من حبٍّ وإجلال
- فقفْ على أهله، واطلبْ جواهره
- كناقدٍ ممعنٍ في كفّ لآل
- فالعلم يفعل في الأَرواح فاسدُه
- ما ليس يفعل فيها طِبُّ دجَّال
- ورب صاحبِ درسٍ لو وقفتَ به
- رأيت شبه علم بينَ جهّال
- وتسبق الشمسَ في الأَمصار حكمتُه
- إلى كهولٍ، وشُبّانٍ، وأَطفال
- زيدانُ، إني مع الدنيا كعهدِك لِي
- رِضَى الصديقِ، مقِيلُ الحاسدِ القالي
- لي دَوْلة ُ الشعر دونَ العصر وائِلَة ٌ
- مَفاخِري حِكَمي فيها وأَمثالي
- إن تمشِ للخير أو للشر بي قدمٌ
- أشمِّرُ الذيلَ، أو أعثرُ بأذيالي
- وإنْ لَقِيتُ ابنَ أُنثى لي عليه يد
- جحدتْ في جنبِ فضلِ الله أفضالي
- وأشكر الصنع في سري وفي علني
- إن الصنائع تزكو عند أمثالي
- وأَتركُ الغيبَ لله العليمِ به
- إن الغيوب صناديقٌ بأقفال
- كأرعنِ الدَّيرِ إكثاري وموقعه
- وكالأَذانِ على الأَسماع إقلالي
- رثَيْتُ قبلك أَحباباً فُجِعْتُ بِهم
- ورحتُ مع فرقة ِ الأحبابِ يرثى لي
- وما علمتُ رفيقاً غير مؤتمنٍ
- كالموت للمرءِ في حلٍّ وترحال
- أرحتَ بالك من دنيا بلا خُلقٍ
- أليس في الموت أقصى راحة البالَ؟
- طالت عليك عوادي الدهر في خشنٍ
- من التراب مع الأيام منهال
- لم نأْتِه بأَخٍ في العيش بعدَ أَخٍ
- إلاَّ تركنا رُفاتاً عندَ غِربال
- لا ينفعُ النفس فيه وَهْيَ حائرة ٌ
- إلا زكاة ُ النهى ، والجاهِ، والمال
- ما تصنع اليومَ من خيرٍ تجده غداً
- الخيرُ والشرُّ مثقالٌ بمثقال
- قد أَكمل الله ذيّاك الهلالَ لنا
- فلا رأى الدهرَ نقصاً بعدَ إكمال
- ولا يزلْ في نفوس القارئين، له
- كرامة ُ الصحفِ الأولى على التالي
- فيه الروائع من علمٍ، ومن أَدبٍ
- ومن وقائعِ أيامٍ وأحوال
- وفيه همة ُ نفسٍ زانها خلقٌ
- هما لباغي المعالي خيرُ منوال
- أنّ الحياة بآمالٍ وأعمال
- ما كان من دُوَلِ الإسلام مُنصرِماً
- صورته، كلُّ أيامٍ بتمثال
- نرى به القوم في عزٍّ وفي ضعة ٍ
- والملكَ ما بينَ إدبارٍ وإقبال
- وما عَرَضْتَ على الأَلبابِ فاكهة ً
- كالعلمِ تُبرِزُه في أَحسنِ القال
- وَضعْتَ خيرَ رواياتِ الحياة ِ، فضَعْ
- رواية َ الموتِ في أُسلوبِها العالي
- وصفْ لنا كيف تجفو الروحُ هيكلها
- ويستبدُّ البلى بالهيكل الخالي
- وهل تحنُّ إليه بعد فرقته
- كما يحنُّ إلى أوطانه الجالي
- هضابُ لبنانَ من منعاتكَ اضطربتْ
- كأن لبنانَ مرميٌّ بزلزال
- كذلك الأرضُ تبكي فقدْ عالمها
- كالأُم تبكي ذهابَ النافعِ الغالي
المزيد...
العصور الأدبيه