الأدب العربى >> الشعر >> العصر الحديث و المعاصر >> أحمد شوقي >> مال أَحبابُه خليلاً خليلا >>
قصائدأحمد شوقي
مال أَحبابُه خليلاً خليلا
أحمد شوقي
- مال أَحبابُه خليلاً خليلا
- وتولَّى اللِّداتُ إلا قليلا
- نصلوا أمسِ من غبار الليالي
- ومضى وحدَه يحثُّ الرحيلا
- سكنتْ منهم الركابُ، كأن لم
- تضطربْ ساعة ً ولم تمضِ ميلا
- جُرِّدوا من منازلِ الأرضِ إلا
- حَجَراً دارِساً ورَملاً مَهيلا
- وتَعَرَّوْا إلى البِلَى ، فكساهم
- خشنة اللحدِ والدجى المسدولا
- في يبابٍ من الثرى رَدَّه المو
- تُ نقياً من الحقودِ غسيلا
- طَرَحوا عندَه الهمومَ، وقالوا
- إن عِبْءَ الحياة ِ كان ثقيلا
- إنما العالمُ الذي منه جئنا
- ملعٌ لا ينوع التمثيلا
- بطلُ الموتِ في الرواية ركنٌ
- بُنِيَتْ منه هيكلاً وفصولا
- كلما راح أَو غدا الموتُ فيها
- سَقط السِّترُ بالدموع بَليلا
- ذكرياتٌ من الأحبة تمحى
- بيدٍ للزمان تمحو الطلولا
- كلُّ رسمٍ من منزلٍ أو حبيبٍ
- سوف يمشي البِلَى عليه مُحيلا
- رُبَّ ثُكْلٍ أَساكَ مِن قُرْحة ِ الثُّكْـ
- ـلِ، ورزْءٌ نسَّاك رُزْءاً جليلا
- يا بَناتِ القَرِيضِ، قُمْنَ مَناحا
- تٍ، وأرسلنَ لوعة ً وعويلا
- من بَناتِ الهَدِيلِ أنْتُنَّ أَحْنَى
- نغمة في الأسى ، وأشجى هديلا
- إن دمعاً تَذْرِفْنَ إثرَ رِفاقي
- سوف يَبْكِي به الخليلُ الخليلا
- ربَّ يومٍ يناحُ فيه علينا
- لو نحسُّ النَّواح والترتيلا
- بمراثٍ كتبنَ بالدمع عنّا
- أَسطُراً من جوًى ، وأُخرى غليلا
- يجدُ القائلون فيها المعاني
- يومَ لا يأْذن البِلى أَن نَقولا
- أَخذ الموتُ من يدِ الحقِّ سَيفاً
- خالديَّ الغرار، عضباً، صقيلا
- من سيوف الجهادِ فولاذهُ الحـ
- ـقُّ، فهل كان قَيْنُه جِبريلا؟
- لمسته يدُ السماءِ، فكان الـ
- ـبَرْقَ والرعدَ خَفْقَة ً وصَليلا
- وإباءُ الرجالِ أمضى من السيـ
- ـفِ على كفِّ فارسٍ مسلولا
- ربَّ قلبٍ أصاره الخلقُ ضرغا
- ماً، وصدرٍ أصاره الحقُّ غيلا
- قيلَ: حللهُ، قلتُ: عرقٌ من التـ
- ـبرِ أراحَ البيانَ والتحليلا
- لم يزدْ في الحديد والنارِ إلا
- لَمحة ً حُرَّة ، وصبراً جميلا
- لم يَخَفْ في حياته شَبَح الفقـ
- ـرِ إذا طاف بالرجال مهولا
- جاعَ حيناً، فكان كالليثِ آبى
- ما تُلاقيه يومَ جُوعٍ هَزيلا
- تأكل الهرَّة ُ الصغارَ إذا جا
- عَتْ، ولا تأْكل اللَّباة ُ الشُّبولا
- قيلَ: غالٍ في الرأي، قلتُ: هبوهُ
- قد يكون الغُلُوُّ رأْياً أَصيلا
- وقديماً بَنَى الغُلُوُّ نُفوساً
- وقديماً بنى الغلوُّ عقولا
- وكم استنهضَ الشيوخَ، وأَذكى
- في الشباب الطِّماحَ والتأْميلا
- ومنَ الرأيِ ما يكونُ نفاقاً
- أَو يكونُ اتجاهُه التضليلا
- ومن النقدِ والجِدالِ كلامٌ
- يشبه البغيَ، والحنا، والفضولا
- وأَرى الصدقَ ديْدَناً لسَلِيل الـ
- ـرافعيِّينَ والعَفافَ سَبيلا
- عاش لم يَغْتَبِ الرجالَ، ولم يَجْـ
- ـعَلْ شؤون النفوسِ قالاً وقِيلا
- قد فقدنا به بقيَّة َ رَهْطٍ
- أيقظوا النيلَ وادياً ونزيلا
- حَرَّكوهُ، وكان بالأَمس كالكهـ
- ـفِ حُزوناً، وكالرَّقِيم سُهولا
- يا أمينَ الحقوقِ، أديتَ حتى
- لم تخنْ مصرَ في الحقوق فتيلا
- ولو استطعتَ زدتَ مصرَ من
- الحقِّ على نيلها المباركِ نيلا
- لستُ أنساكَ قابعاً بين درجيـ
- ـكَ مكبَّا عليهما مشغولا
- قد تواريتَ في الخشوع، فخالو
- كَ ضئيلاً، وما خُلِقْتَ ضئيلا
- سائل الشعبَ عنك، والعَلَمَ
- الخفَّاقَ، أَو سائل اللواءَ الظليلا
- كم إمامٍ قربْتَ في الصفِّ منه
- ومغنٍّ قعدتْ منه رسيلا؟
- تُنْشِدُ الناسَ في القَضِيَّة ِ لَحْناً
- كالحواريِّ رَتَّل الإنجيلا
- ماضياً في الجهاد لم تتأخَّر
- تزنُ الصفَّ، أو تقيم الرعيلا
- ما تبالي مضيتَ وحدكَ تحمي
- حوزة َ الحق، أم مضيتَ قبيلا
- إن يفتْ فيكَ منبرَ الأمسِ شعري
- إن لي المنبرَ الذي لن يزولا
- جلّ عن منشدٍ سوى الدهرِ يلقيـ
- ـهِ على الغابرين جيلاً فجيلا
المزيد...
العصور الأدبيه