الأدب العربى >> الشعر >> العصر الحديث و المعاصر >> أحمد شوقي >> لا يقيمنَّ على الضَّيمِ الأسدْ >>
قصائدأحمد شوقي
لا يقيمنَّ على الضَّيمِ الأسدْ
أحمد شوقي
- لا يقيمنَّ على الضَّيمِ الأسدْ
- نزعَ الشِّبلُ من الغابِ الوتدْ
- كبرَ الشِّبلُ ، وشبَّتْ نابه
- وتغطَّى منكباه باللِّبد
- اتركوه يمشِ في آجامه
- ودَعوه عن حِمَى الغابِ يَذُد
- واعرضوا الدنيا على أَظفارِه
- وابعثوه في صحاراها يَصِد
- فِتيَة َ الوادي، عَرَفْنا صَوْتكم
- مرحباً بالطائرِ الشادي الغرد
- هو صوتُ ، الحقِّ ، لم يبغِ ، ولم
- يحمل الحقدَ ، ولم يحفِ الحسدَ
- وخلا من شهوة ٍ ما خالطت
- صالحاً من عملٍ إلا فسد
- حَرَّك البلبلُ عِطفيْ رَبْوَة ٍ
- كان فيها البومُ بالأيْكِ آنفرد
- زَنْبَقُ المُدْن، ورَيحانُ القُرَى
- قام في كلِّ طريقٍ وقَعد
- باكراً كالنّحل في أسرابها
- كلُّ سِربٍ قد تلاقى واحتشد
- قد جنى ما قلَّ من زهْ الرُّبا
- ثم أعطى بل الزهر الشهد
- بسط الكفَّ لمن صادفه
- ومَضى يَقْصُرُ خطْواً ويَمُدّ
- يجعلُ الأَوطانَ أُغنِيَّتَه
- وينادي الناسَ: منْ جادَ وجد
- كلَّما مرَّ ببابٍ دَقَّه
- أو رأى داراً على الدرب قصدْ
- غادياً في المدْنِ، أَو نحوَ القرى
- رائحاً يسأَل قِرشاً للبلد
- أيها الناسُ، اسمعوا، أصغوا له
- أخرجوا المال إلى البرِّ يعدْ
- لا ترُدُّوا يَدَهم فارغة ً
- طالبُ العونِ لمصرٍ لا يردّ
- سيرى الناسُ عجيباً في غدٍ
- يغرسُ القرشُ، ويَبني، ويَلِدْ
- ينهض اللهُ الصناعات به
- من عثارٍ لبثتْ فيه الأبد
- أو يزيد البرَّ داراً قعدتْ
- لكفاح السلِّ، أو حربِ الرَّمد
- وهوَ في الأيدي، وفي قدرتها
- لم يضقْ عنه ولم يعجزْ أحد
- تلك مصرُ الغدِ تبني مُلكها
- نادت الباني وجاءَت بالعُدَدْ
- وعلى المالِ بَنتْ سلطانَها
- ثابتَ الآساسِ مرفوعَ العَمَد
- وأصارتْ بنكَ مصرٍ كهفها
- حبَّذا الركنُ وأعظمْ بالسند
- مَثلٌ مِن هِمَّة ٍ قد بَعُدَتْ
- ومداها في المعالي قد بَعُد
- ردَّها العصرُ إلى أسلوبه
- كلُّ عصرٍ بأساليبَ جدد
- البنونَ استنهضوا آباءهم
- ودعا الشبلُ من الوادي الأسد
- أصبحت مصرُ، وأضحى مجدها
- هِمَّة الوالدِ، أَو شُغلَ الولد
- هذه الهمَّة ُ بالأمس جرتْ
- فحَوَتْ في طلبِ الحقّ الأَمد
- أَيُّها الجيلُ الذي نرجو لِغدْ
- غدك العزُّ، ودنياك الرغد
- أنت في مدرجة السيلِ، وقد
- ضلَّ مَنْ في مَدْرجِ السيلِ رَقد
- قدْت في الحقِّ، فقدْ في مثلهِ
- من نواحي القصدِ أَو سُبْل الرشد
- رُبَّ عامٍ أَنت فيه واجدٌ
- فادَّخرْ فيه لعامٍ لا تجِدْ
- علمِ الآباءَ، واهتف قائلاً:
- أيها الشعبُ، تعاونْ واقتصد
- اجمعِ القرشَ إلى القرشِ يكنْ
- لك من جمعهما مالٌ لُبَدْ
- اطلبِ القطنَ، وزاوِلْ غيرَه
- واتخذْ سوقاً إذا سوقٌ كسدْ
- نحن قبل القطن كنّا أُمّة ً
- تهبِط الوادي، وتَرْعَى ، وتَرِدْ
- قد أخذنا في الصناعات المدى
- وبنينا في الأوالي ما خلد
- وغزلنا قبلَ إدريسَ الكسا
- ونسجْنا قبلَ داوُدَ الزَّرَد
- إن تكُ اليوم لواءً قائداً
- كم لواءٍ لك بالأمسِ انعقد!
المزيد...
العصور الأدبيه