الأدب العربى >> الشعر >> العصر الحديث و المعاصر >> أحمد شوقي >> قِفوا بالقبور نُسائِلْ عُمَرْ >>
قصائدأحمد شوقي
قِفوا بالقبور نُسائِلْ عُمَرْ
أحمد شوقي
- قِفوا بالقبور نُسائِلْ عُمَرْ
- متى كانت الأَرضُ مَثْوَى القمرْ؟
- سلوا الأَرضَ: هل زُيِّنَتْ للعليـ
- ـم؟ وهل أرجتْ كالجنان الحفر؟
- وهل قام رضوانُ من خلفها
- يلاقي الرضيَّ النقيَّ الأبرّ؟
- فلو علِمَ الجمعُ مِمَّنْ مَضَى
- تنَحَّى له الجمعُ حتى عَبر
- إلى جَنَّة ٍ خُلِقَتْ للكريم
- ومَن عَرَفَ الله، أَو مَنْ قَدَر
- برغمِ القلوبِ وحبَّاتها
- ورَغْمِ السماعِ، ورَغْمِ البصر
- نزولكَ في التربِ زينَ الشبابِ
- سناءَ النَّدِيِّ سَنَى المؤتمر
- مُقيلَ الصديقِ إذا ما هَفا
- مُقيلَ الكريمِ إذا ما عثر
- حَيِيتَ فكنتَ فخارَ الحياة ِ
- ومتَّ فكنتَ فخارَ السير
- عجيبٌ رَداكَ، وأَعجبُ منه
- حياتُك في طولها والقِصَر
- فما قبلها سمعَ العالمون
- ولا علموا مصحفاً يختضر
- وقد يَقتلُ المرءَ همُّ الحياة ِ
- وشغلُ الفؤادِ، وكدُّ الفِكر
- دفنَّا التجاربَ في حفرة ٍ
- إليها انتهى بك طولُ السَّفر
- فكم ذلك كالنَّجم من رحلة ٍ
- رأَى البدوُ آثارَهَا والحَضَر
- نِقاباتُك الغُرُّ تَبكي عليك
- ويبكي عليك النديُّ الأغر
- ويبكي فريقٌ تحيرته
- شَريفَ المَرامِ، شَريفَ الوَطَر
- ويبكي الألى أنتَ علمتهمْ
- وأَنت غرسْتَ، فكانوا الثمر
- حَياتُك كانَتْ عِظاتٍ لهم
- وموتُك بالأَمسِ إحدى العِبَر
- سَهِرنا قُبَيْلَ الرَّدى ليلة ً
- وما دارَ ذكرُ الرَّدى في السمر
- فقمتَ إلى حفرة هُيِّئَتْ
- وقمتُ إلى مثلِها تُحْتَفَر
- مددتُ إليك يداً للوداع
- ومدَّ يداً للقاءِ القدر
- ولو أَنّ لي علمَ ما في غدٍ
- خَبَأْتُك في مُقْلتِي مِن حذَر
- وقالوا: شكوتَ، فما راعني
- وما أولُ النارِ إلا شرر
- رثيتُك لا مالكاً خاطري
- من الحزن، إلا يسيراً خطر
- ففيك عرفتُ ارتجالَ الدموعِ
- ومنك علمتُ ارتجالَ الدُّرر
- ومثلُك يُرثَى بآيِ الكتابِ
- ومثلُك يُفدَى بنصف البشر
- فيا قبرُ، كنْ روضة ً من رضى
- عليه، وكنْ باقة ً من زهر
- سقتك الدموعُ، فإن لم يدمنَ
- كعادتهنّ سقاك المطر
المزيد...
العصور الأدبيه