الأدب العربى >> الشعر >> العصر الحديث و المعاصر >> أحمد شوقي >> خَطَّتْ يداكَ الرَّوْضَة َ الغَنَّاءَ >>
قصائدأحمد شوقي
خَطَّتْ يداكَ الرَّوْضَة َ الغَنَّاءَ
أحمد شوقي
- خَطَّتْ يداكَ الرَّوْضَة َ الغَنَّاءَ
- وفرغتَ من صرحِ الفنونِ بناءَ
- ما زلتَ تَذهبُ في السُّمُوّ بِركنِهِ
- حتى تجاوزَ ركنهُ الجوزاءَ
- دارٌ من الفنّ الجميلِ تقسَّمَتْ
- للساهرين رواية ً وراواءَ
- كالروْضِ تحتَ الطيرِ أَعجبَ أَيْكُه
- لَحْظَ العيونِ، وأَعجَبَ الإصغاءَ
- ولقد نزلتَ بها ، فلم نرَ قبلها
- فلكاً جلا شمسَ النهارِ عشاءَ
- وتوهَّجَتْ حتى تقلَّب في السَّنا
- وادي الملوكِ حجارة ً وفضاءَ
- فتلفَّتُوا يتهامسون: لعلَّهُ
- فجرُ الحضارة ِ في البلاد أَضاءَ
- تلك المعازفُ في طلولِ بنائهم
- أكثرنَ نحوَ بنائكَ الإيماء
- وتمايلتْ عيدانهنَّ تحية ً
- وترنَّمَتْ أَوتارُهُنَّ ثناء
- يا بانيَ الإيوانِ، قد نسَّقتَهُ
- وحذوتَ في هندامها الحمراء
- أينَ الغريضُ يحلُّهُ أو معبدٌ
- يتبّوأَ الحجراتِ والأبهاءِ ؟
- العبقرِيّة ُ من ضَنائنه التي
- يحبو بها - سبحانه - من شاءَ
- لما بنيتَ الأَيْكَ واستَوْهَبْتَهُ
- بَعثَ الهَزارَ، وأَرسَلَ الوَرْقاءَ
- فسمعتَ من متفرِّدِ الأنعامِ ما
- فاتَ الرشيدَ، وأَخطأ النُّدَمَاءَ
- والفنُّ ريحانُ الملوكِ ، وربّما
- خَلَدُوا على جَنباتِه أَسماء
- لولا أَياديه على أَبنائنا
- لم نلفَ أمجدَ أمَّة آباءَ
- كانت أوائلُ كلِّ قومٍ في العلا
- أرضاً ، وكنَّا في الفخارِ سماء
- لولا ابتسامُ الفنِّ فيما حَوْلَهُ
- ظَلَّ الوجودُ جَهامة ً وجَفاءَ
- جِّدْ من الفنِّ الحياة ِ وما حوتْ
- تجدِ الحياة َ من الجمالِ خلاءَ
- بالفنِّ عالجتِ الحياة َ طبيعة ٌ
- قد عالجتْ بالواحة ِ الصحراء
- تأوي إليها الروحُ من رمضائها
- فتُصيب ظِلاًّ، أَو تُصادِفُ ماءَ
- نبضُ الحضارة ِ في الممالكِ كلِّها
- يجري السلامة َ أو يدقَ الداءَ
- إن صحَّ فهيَ على الزمان صحيحة ٌ
- أو زافَ كانت ظاهراً وطلاءَ
- انظرْ ـ أَبا الفاروقِ ـ غَرْسَك، هل ترى
- بالغرسِ إلا نعمة ً ونماء ؟
- مِنْ حَبّة ٍ ذُخِرَتْ، وأَيدٍ ثابَرَتْ
- جاءَ الزمانُ بجَنَّة ٍ فَيْحاءَ
- وأكنَّتِ الفنّ الجميلَ خميلة ٌ
- رمتِ الظِّلالَ ، ومدَّتِ الأفياءَ
- بذَلَ الجهودَ الصالحاتِ عصابة ٌ
- لا يَسأَلون عن الجهود جَزاءَ
- صحبوا رسولَ الفنِّ لا يألونه
- حبَّاً ، وصدقَ مودّة ٍ ، ووفاءَ
- دفعوا العوائقَ بالثبات ، وجاوزوا
- ما سرَّ من قَدر الأُمور وساءَ
- إن التعاوُنَ قوّة ٌ عُلْوِيَّة ٌ
- تبني الرجالَ ، وتبدع الأشياءَ
- فليهبهمْ ، حاز التفاتك سعيهم
- وكسا ندِيَّهُمُ سَناً وسَناءَ
- لم تبدُ للأبصار إلا غارساً
- لخالفِ الأجيالِ أو بنَّاءَ
- تغدو على الفتراتِ تَرتَجِلُ النَّدَى
- وتروحُ تصطنعُ اليدَ البيضاءَ
- في مَوكِبٍ كالغيْثِ سار ركابُهُ
- بشراً ، وحلَّ سعادة ً ورخاءَ
- أَنت اللِّواءُ التفَّ قومُك حَوْله
- والتاجُ يجعله الشعوبُ لِواءَ
- مِنْ كلِّ مِئْذَنة ٍ سَمِعْتَ مَحَبَّة ً
- وبكلِّ ناقوسٍ لقيتَ دُعاءَ
- يتألفان على الهتافِ ، كما انبرى
- وترٌ يساير في البنان غناءَ
المزيد...
العصور الأدبيه