الأدب العربى >> الشعر >> العصر الحديث و المعاصر >> أحمد شوقي >> خَطَوْنا في الجِهادِ خُطاً فِساحا >>
قصائدأحمد شوقي
خَطَوْنا في الجِهادِ خُطاً فِساحا
أحمد شوقي
- خَطَوْنا في الجِهادِ خُطاً فِساحا
- وهادَنَّا، ولم نُلقِ السِّلاحَا
- رضينا في هوى الوطنِ المفدَّى
- دمَ الشهداءِ والماَ المطاحا
- ولمّا سلّّت البيضُ المواضي
- تقلدنا لها الحقَّ الصراحا
- فحطَّمْنا الشَّكيمَ سِوَى بقايا
- إذا عَضَّتْ أَرَيْناها الجِماحا
- وقمنا في شِراعِ الحق نَلْقَى
- وندفع عن جوانيه الرياحا
- نعالج شدة ً، ونروض أخرى
- ونسعى السعيَ مشروعاً مباحا
- ونستولي على العقبات إلا
- كمينَ الغيبِ والقدرَ المتاحا
- ومنْ يصبرْ يجدْ طولَ التمنِّي
- على الأَيام قد صار اقتراحا
- وأَيامٍ كأَجواف الليالي
- فقدنَ النجمَ والقمرَ اللياحا
- قضيناها حيالَ الحربِ نخشى
- بقاءَ الرِّق، أو نرجو السراجا
- تَرَكْنَ الناسَ بالوادي قعودا
- من الإعياءِ كالإبل الرَّزاحى
- جنود السلم لا ظفرٌ جزاهم
- بما صبروا، ولا موتٌ أَراحا
- ولا تلْقى سوى حيٍّ كَميْتٍ
- ومنزوفٍ وإن لم يسقَ راحا
- ترى أسرى وما شهدوا قتالاً
- ولا اعتقلوا الأسنَّة والصفاحا
- وجَرْحَى السَّوْطِ لا جَرْحَى المواضي
- بما عمل الجواسيسُ اجتراحا
- صباحُك كان إقبالاً وسعداً
- فيا يومَ الرِّسالة ِ، عِمْ صَباحا
- وما تألوا نهاركَ ذكرياتٍ
- ولا برهانَ عزتك التماحا
- تكاد حِلاك في صفحات مصرٍ
- بها التاريخُ يفتتح افتتاحا
- جلالك عن سنا الأضحى تجلَّى
- ونورك عن هلالِ الفطر لاحا
- هما حقٌّ، وأنت ملئتَ حقَّا
- ومثَّلتْ الضحيَّة َ والسماحا
- بعثنا فيك هاروناً وموسى
- إلى فرعونَ فکبتَدَآ الكفاحا
- وكان أعزَّ من روما سيوفاً
- وأطغى من قياصرها رماحا
- يكاد من الفتوح وما سَقَتْهُ
- يخالُ وراءَ هيكلهِ فتاحا
- وردَّ المسلمون فقيل: خابوا
- فيا لَكِ خيبة ً عادت نجاحا!
- أَثارت وادياً من غايَتَيْه
- ولامت فرقة ً وأستْ جراحا
- وشَدَّتْ مِن قُوَى قَومٍ مِراضٍ
- عزائمهم فردَّتْها صِحاحا
- كأن بلالَ نوديَ: قم فأذَّنْ
- فرجَّ شعابَ مكة َ والبطاحا
- كأَن الناس في دينٍ جديدٍ
- على جنباته استبَقوا الصلاحا
- وقد هانت حياتهمُ عليهم
- وكانوا بالحياة ِ هُمُ الشّحاحا
- فتسمع في مآتمهم غناءً
- وتسمع في ولائمهم نُواحا
- حواريينَ أوفدنا ثقاتٍ
- إذا تركَ البلاغُ لهم، فصاحا
- فكانوا الحقَّ منقبضاً حيياً
- تحدَّى السيفَ مُنصلِتاً وَقاحا
- لهم منَّا براءة ُ أهلِ بدرٍ
- فلا إثماً نَعُدُّ ولا جُناحا
- ترى الشَّحناءَ بينهم عِتاباً
- وتحسب جدَّهم فيها مزاحا
- جعلنا الخلدَ منزلَهم، وزدنا
- على الخلدِ الثناءَ والامتداحا
- يميناً بالتي يسعى إليها
- غُدُوّاً بالندامة ، أَو رَوَاحا
- وتَعبَقُ في أنوف الحجِّ رُكناً
- وتحتَ جِباهِهم رَحْباً، وساحا
- وبالدستور، وهْوَ لنا حياة ٌ
- نرى فيه السلامة َ والفلاحا
- أَخذناه على المُهَجِ الغوالي
- ولم نأخذه نَيلاً مُستماحا
- بنينا فيه من دمعٍ رواقاً
- ومن دمِ كلِّ نابتة ٍ جناحا...
- ... لما ملأ الشبابَ كروح سعدٍ
- ولا جعل الحياة َ لهم طماحا
- سلواعنه القضية َ، هل حماها
- وكان حمى القضية ِ مستباحا؟
- وهل نظم الكهولَ الصِّيدَ صَفّاً
- وألف من تجاربهم رداحا؟
- هو الشيخُ الفتيُّ، لو استراحت
- من الدأبِ الكواكبُ ما استراحا
- وليس بذائقِ النومِ اغتباقاً
- إذا دار الرقادُ، ولا اصطِباحا
- فيالَكَ ضَيْغَماً سهِر الليالي
- وناضل دونَ غايتِه، ولاحَى
- ولا حَطَمَتْ لك الأَيامُ ناباً
- ولا غضَّت لك الدنيا صياحا
- قصيدة ياقاتلتي بصوت الشاعر
المزيد...
العصور الأدبيه