الأدب العربى >> الشعر >> العصر الحديث و المعاصر >> أحمد شوقي >> بأَرضِ الجيزة ِ اجتازَ الغَمامُ >>
قصائدأحمد شوقي
بأَرضِ الجيزة ِ اجتازَ الغَمامُ
أحمد شوقي
- بأَرضِ الجيزة ِ اجتازَ الغَمامُ
- وحلَّ سماءَها البدرُ التمام
- وزار رياضَ إسماعيلَ غيثٌ
- كوالدِه له المِنَنُ الجِسام
- ثَنَى عِطْفَيْهِمَا الهرمانِ تِيهاً
- وقال الثالثُ الأَدنى : سلام
- هَلُمِّي مَنْفُ؛ هذا تاجُ خوفو
- كقرصِ الشمسِ يعرفه الأنام
- نَمتْهُ من بني فِرعَوْنَ هامٌ
- ومن خلفاء إسماعيلَ هام
- تألقَ في سمائكِ عبقرياً
- عليه جلالة ٌ، وله وسام
- ترعرعَتِ الحضارة ُ في حلاهُ
- وشبَّ على جواهرِه النظام
- ونال الفنُّ في أولى الليالي
- وأخراهنَّ عزَّا لا يرام
- مشَى في جيزة الفُسطاط ظِلٌّ
- كظلِّ النيلِ بلَّ به الأوام
- إذا ما مَسّ تُرْباً عاد مِسْكاً
- ونافسَ تحته الذهبَ الرَّغام
- وإنْ هو حَلَّ أرضاً قام فيها
- جِدارٌ للحضارة ِ أَو دِعام
- فمدرسة ٌ لحرب الجهل تبنى
- ومستشفى يذادُ به السقام
- ودارٌ يُستَغاثُ بها فَيَمضي
- إلى الإسعافِ أنجادٌ كرامُ
- أُساة ُ جِراحة ٍ حِيناً وحِيناً
- مَيازيبٌ إذا انفجر الضِّرام
- وأحواضٌ يراضُ النيلُ فيها
- وكلُّ نجيبة ٍ ولها لجام
- أبا الفاروقِ، أقبلنا صفوفاً
- وأَنتَ من الصفوفِ هو الإمام
- طلعتَ على الصعيدِ فهشَّ حتى
- علا شَفَتَيْ أَبي الهول ابتسام
- ركابٌ سارتِ الآمالُ فيه
- وطافَ به التلفُّتُ والزحام
- فماذا في طريقك من كفور
- أجلُّ من البيوتِ بها الرجام؟
- كأن الراقدين بكل قاعٍ
- همُ الأيقاظُ، واليقظى النِّيام
- لقد أَزَمَ الزمانُ الناسَ، فانظُرْ
- فعندكَ تفرجُ الإزمُ العظام
- وبعدَ غدٍ يفارقُ عامُ بؤسٍ
- ويَخلُفه من النَّعماءِ عام
- يَدورُ بمصرَ حالاً بعدَ حالٍ
- زمانٌ ما لحاليهِ دوام
- ومصرُ بناءُ جدَّكَ لم يتممْ
- أليس على يديكَ له تمام؟
- فلسنا أمة ً قعدتْ بشمسٍ
- ولا بلداً بضاعتُه الكلام
- ولكنْ هِمَّة ٌ في كلِّ حينٍ
- يَشُدُّ بِناءَها المَلِكُ الهُمام
- نرومُ الغاية َ القصوى ، فنمضي
- وأنت على الطريقِ هو الزمام
- ونقصر خطوة ً، ونمدُّ أخرى
- وتلجئنا المسافة والمرام
- ونَصبرُ للشدائدِ في مقامٍ
- ويغلبنا على صبر مقام
- فقوِّ حضارة َ الماضي بأخرى
- لها زَهْوٌ بِعصرِكَ واتّسامُ
- ترفُّ صحائفُ البرديِّ فيها
- وينطقُ في هياكلها الرُّخام
- رَعَتك ووادياً ترعاه عنَّا
- من الرحمنِ عينٌ لا تنام
- فإن يك تاجُ مصرَ لها قواماً
- فمصرُ لتاجها العالي قوام
- لِتهنأ مصرُ، ولْيَهْنأ بَنوها
- فبينَ الرأْسِ والجِسمِ التئام
المزيد...
العصور الأدبيه