الأدب العربى >> الشعر >> العصر الحديث و المعاصر >> أحمد شوقي >> اتخذتِ السماءَ يا دارُ ركنا >>
قصائدأحمد شوقي
اتخذتِ السماءَ يا دارُ ركنا
أحمد شوقي
- اتخذتِ السماءَ يا دارُ ركنا
- وأَوَيْتِ الكواكب الزُّهْرَ سَكْنا
- وجمعتِ السعادتين، فباتت
- فيك دُنيا الصلاحِ للدين خِدنا
- نادَمَا الدهر في ذراكِ وفَضَّا
- من سُلاف الودادِ دَنّاً فدَنّا
- وإذا الخلقُ كان عقدَ ودادٍ
- لم ينل منه منْ وشى وتجنَّى
- وارى العلمَ كالعبادة في أبـ
- ـعدِ غاياته: إلى الله أدنى
- واسعَ الساحِ، يرسل الفكرَ فيها
- كلُّ مَن شكَّ ساعة ً أَو تَظنَّى
- هل سألنا أبا العلاءِ وإن قلَّـ
- ـب عيناً في عالم الكونِ وَسْنَى
- كيف يهزا بخالق الطيرِ منْ لم
- يعلم الطيرَ، هل بكى أو تغنَّى ؟
- أَنتِ كالشمس رفرفاً، والسماكيْـ
- ـنِ روافاً، وكالمجرَّة صحنا
- لو تَستَّرْتِ كنتِ كالكعبة الغرّ
- اءِ ذيلاً من الجلال وردنا
- إن تكن للثواب والبِرِّ داراً
- أَنت للحق والمراشدِ مَغْنَى
- قد بلغتِ الكمال في نصف قرنٍ
- كيف إن تمت الملاوة قرنا؟!
- وهْوَ باقٍ على المدى ليس يفنى
- يا عكاظاً حوى الشبابَ فصاحاً
- قرشيينَ في المجامع، لسنا
- بَثَّهُمْ في كنانة الله نوراً
- مِن ظلام على البصائر أَخْنَى
- علموا بالبيانِ، لا غرباءَ
- فيه يوماً، ولا أعاجمَ لكنا
- فتية ٌ محسنون، لم يُخْلِفوا
- ـلمَ رجاءً، ولا المعلِّمَ ظنّا
- صدعوا ظلمة ً على الريف حلتْ
- وأَضاءوا الصعيدَ سهلاً، وحَزْنا
- منْ قضى منهمُ تفرَّق فكراً
- في نُهَى النَّشْءِ، أَو تَقَسَّم ذِهنا
- نادِ دارَ العلوم ان شئتَ: يا عا
- ئش، أو شئتَ نادها: يا سكينا
- قل لها: يا ابنة المبارك إيهٍ
- قد جَرَتْ كاسمه أُمورُكِ يُمْنا
- هو في المهرجان حَيٌّ شهيدٌ
- يجتلي غرسَ فضله كيف أجنى
- وهو في العرسٍ - إن تحجَّبَ، أو لم
- يَحْتَجِب ـ والدُ العروسِ المُهنّا
- ما جرى ذكرهُ بناديكِ حتى
- وقف الدمعُ في الشؤونِ فأَثنى
- ربَّ خيرٍ ملئتَ منه سروراً
- ذكر الخيرين فاهتجتَ حزنا
- أَدَرَى إذا بناك أَنْ كان يبني
- فوق أنف العدو للضاد حصنا؟
- حائطُ الملكِ بالمدارس إن شِئْـ
- ـتَ، وإن شِئْت بالمعاقل يُبنى
- انظر الناس، هل ترى لحياة ٍ
- عطّلتْ من نباهة ِ الذكرِ معنى ؟
- لا الغنى في الرجال ناب عن الفضـ
- ـلِ وسلطانهِ، ولا الجاهُ أغنى
- رُبَّ عاثٍ في الأَرض لم تجعل الأَر
- ضُ له إن أَقام أَو سار وَزنا
- عاش لم ترْمِهِ بعينٍ، وأَودى
- هملاً لم تهب لناعيه أذنا
- نظمَ الله مُلكَه بعبادٍ
- عبقريين أورثوا الملكَ حسنا
- شغلتهم عن الحسود المعالي
- إنما يحسدُ العظيمُ ويشنا
- من ذكيِّ الفؤادِ يورثُ علماً
- أو بديعِ الخيالِ يخلقُ فنَّا
- كم قديمٍ كرقعة ِ الفنِّ حرٍّ
- لم يقلل له الجديدان شأنا
- وجديدٍ عليه يختلف الدهـ
- ـرُ، ويفنى الزمانُ قرناً فقرنا
- فاحتفظ بالذخيرتين جميعاً
- عادة ُ الفطنِ بالذخائر يعنى
- يا شباباً سقوني الودَّ محضاً
- وسقوا شانئي على الغلّ أجنا
- كلما صار للكهولة شعري
- أنشدوه، فعاد أمردَ لدنا
- أُسرة ُ الشاعرِ الرُّواة ُ، وما عَنَّـ
- ـوهُ، والمرءُ بالقريب معنى
- هم يضنُّون في الحياة بما قا
- ل، ويلفونَ في الممات أضنَّا
- وإذا ما انقضى وأَهْلُوهُ لم يَعـ
- ـدَم شقيقاً من الرُّواة أَو کبْنا
- النبوغَ النبوغَ حتى تنصُّوا
- راية َ العلم كالهلال وأَسنَى
- نحن في صورة الممالكِ ما لم
- يُصْبِحِ العلمُ والمعلِّمُ مِنّا
- لا تنادوا الحصونَ والسُّفنَ، وادْعُوا العـ
- ـلم يُنشىء ْ لكم حصوناً وسُفْنا
- إنْ ركبَ الحضارة ِ اخترق الأرْ
- ضَ، وشقّ السماءَ ريحاً ومُزْنا
- وصَحِبْناه كالغبارِ، فلا رجْـ
- ـلاً شدَدْنا، ولا رِكاباً زَمَمْنا
- دان آباؤنا الزمانَ مَلِيّاً
- ومليَّاً لحادثِ الدهر دنَّا!
- كم نُباهِي بلحْدِ مَيْتٍ؟ وكم نحـ
- ـملُ من هادمٍ ولم يبنِ منّا؟!
- قد أتى أن نقول: نحن، ولا نسـ
- ـمع أبناءنا يقولون: كنَّا!
المزيد...
العصور الأدبيه