الأدب العربى >> الشعر >> العصر الحديث و المعاصر >> أحمد شوقي >> أَوْحَتْ لطَرْفِكَ فاستهلَّ شؤونا >>
قصائدأحمد شوقي
أَوْحَتْ لطَرْفِكَ فاستهلَّ شؤونا
أحمد شوقي
- أَوْحَتْ لطَرْفِكَ فاستهلَّ شؤونا
- دارٌ مَرَرْتَ بها على قَيْسونا
- غاضَت بشاشتُها، وفَضَّتْ شملَها
- دنيا تعزُّ السادر المفتونا
- نزَلَتْ عَوادِي الدهرِ في ساحاتها
- وأَقلَّ رَفْرَفها الخطوبَ العُونا
- فتكادُ منْ أسفٍ على آسي الحمى
- من كلِّ ناحية ٍ تَثور شجونا
- تلك العيادة ُ لم تكن عبثاً، ولا
- شركاً لصيدِ مآربٍ وكمينا
- دارُ ابنِ سِينَا نُزِّهَتْ حُجُراتُها
- عن أَن تَضُمّ ضَلالة ً ومُجونا
- خَبَتِ المطالعُ مِنْ أَغرَّ مُؤَمَّلٍ
- كالفجر ثغراً، والصبّاحِ جبينا
- ومِنَ الوُفودِ، كأَنهم مِنْ حَوْلِه
- مرضى بعيسى الروحِ يستشفونا
- مثلٌ تصوَّر من حياة ٍ حرة ٍ
- للنشْءِ يَنطِق في السكوت مُبينا
- لم تُحْصَ من عهدِ الصِّبا حَرَكاتُه
- وتَخالُهنَّ من الخُشوع سُكونا
- جمحتْ جراحُ المعوزين، وأعضلتْ
- أدواؤهم، وتغيَّبَ الشافونا
- ماتَ الجوادُ بطبِّه وبأجره
- ولربّما بذلَ الدواءَ معينا
- وتَجُسُّ راحتُه العليلَ، وتارة ً
- تكسو الفقيرَ، وتطعم المسكينا
- أدّى أمانة َ علمه، ولطالما
- حمل الصداقة َ وافياً وأمينا
- وقضى حقوقَ الأهلِ، يحسن تارة
- بأَبيه، أَو يَصِل القرابة حينا
- خُلقٌ ودينٌ في زمانٍ لا ترى
- خلقاً عليه ولا تصادف دينا
- أمداويَ الأرواحِ قبل جسومها
- قمْ داوٍ فيك فؤاديَ المحزونا
- روحْ بلفظك كلَّ روحِ معذَّبٍ
- حَيرانَ طار بلُبِّه الناعونا
- قد كال للقدَر العِتابَ، ورُبَّما
- ظنَّ المدلَّة ُ بالقضاءِ ظنونا
- داويتَ كلَّ محطَّمٍ فشفيتهُ
- ونسيتَ داءً في الضلوع دفينا
- كبدٌ على دمها اتكأت ولحمها
- فحَمَلْتَ همَّ المسلمين سِنينا
- ظلتْ وراءَ الحربِ تشقى بالنَّوى
- وتَذوب للوطن الكريمِ حنينا
- ناصرتَ في فجر القضيَّة ِ مصطفى
- فنصرتَ خلقاً في الشَّباب متينا
- أقدمتَ في العشرين تحتَ لوائه
- وروائعُ الإقدامِ في العشرينا
- لم تبغِ دنيا طالما أغضى لها
- حُمْسُ الدّعاة ِ وطَأْطَأوا العِرنينا
- رحماكَ يوسفُ قفْ ركابكَ ساعة ً
- واعطِف على يعقوبَ فيه حزينا
- لم يَدْرِ خلفَ النعشِ من حَرِّ الجَوى
- أيشقُّ جيباً، أم يشقُّ وتينا؟
- ساروا بمهجته، فحمِّلَ ثكلها
- وقضوا بعائله، فمالَ غبينا
- أَتعودُ في رَكْبِ الربيعِ إذا کنثنى
- بهجاً يزفُّ الوردَ والنَّسرينا؟
- هيهات من سَفرِ المنيَّة أَوْبة ٌ
- حتى يُهيبَ الصُّبحُ بالسارينا
- ويقالُ للأرض الفضاء، تمخَّضي
- فتردّ شيخاً أو تمجّ جنينا
- اللهُ أبقى ! أين منْ جسدي يدٌ
- لم أنسَ رفقَ بنانها واللينا؟
- حتى تمثَّلتِ العناية ُ صورة ً
- فجررْتُ جُثماني، وهانت كُربة ٌ
- لولا اعتناؤكَ لم تكن لِتهونا
- إنّ الشفاءَ من الحياة ِ وعونِها
- ما كان آس بالشفاءِ ضَمينا
- واليومَ أَرْتجلُ الرِّثاءَ، وأَنزَوِي
- في مأتمٍ أبكي مع الباكينا
- سبحانَ من يرِثُ الطبيبَ وَطِبَّه
- ويرى المريض مصارعَ الآسينا!!
المزيد...
العصور الأدبيه