الأدب العربى >> الشعر >> العصر الحديث و المعاصر >> أحمد شوقي >> أَمِنَ البحرِ صائغٌ عَبْقَرِيٌّ >>
قصائدأحمد شوقي
أَمِنَ البحرِ صائغٌ عَبْقَرِيٌّ
أحمد شوقي
- أَمِنَ البحرِ صائغٌ عَبْقَرِيٌّ
- بالرمالِ النواعمِ البيضِ مغرى ؟
- طاف تحتَ الضُّحَى عليهنَّ، والجوْ
- هَرُ في سُوقِه يُباعُ ويُشْرَى
- جئنهُ في معاصمٍ ونحوٍ
- فكسا معصماً، وآخرَ عرى
- وأبى أن يقلدَ الدرَّ واليا
- قوتَ نحراً، وقلَّدَ الماسَ نحْرا
- وترى خاتماً وراءَ بَنانٍ
- وبَناناً من الخواتمِ صِفْرا
- وسواراً يزينُ زندَ كعابٍ
- وسواراً من زندِ حسناءَ فرّا
- وترى الغِيدَ لُؤلؤاً ثَمَّ رَطْباً
- وجماناً حوالي الماءِ نثرا
- وكأَنَّ السماءَ والماءَ شِقَّا
- صدفٍ، حمَّلا رفيفاً ودرَّا
- وكأَنّ السماءَ والماءَ عُرْسٌ
- مترعُ المهرجان لمحاً وعطرا
- أَو رَبيعٌ من ريشة ِ الفنِّ أَبهَى
- مِن ربيع الرُّبى ، وأَفتنُ زَهْرا
- أو تهاويل شاعرٍ عبقريٍّ
- طارحَ البحرَ والطبيعة َ شعرا
- يا سواريْ فيروزجٍ ولجينٍ
- بها حليتْ معاصمُ مصرا
- في شُعاعِ الضُّحَى يعودان ماساً
- وعلى لمحة ِ الأصائلِ تبرا
- ومَشَتْ فيهما النّجومُ فكانت
- في حواشيهما يواقيتَ زهرا
- لكَ في الأرضِ موكبٌ ليس يألوالـ
- ـريحَ والطيرَ والشياطينَ حشرا
- سرتَ فيه على كنوز سليما
- نَ تعدُّ الخُطى اختيالاً وكِبْرا
- وتَرنَّمْتَ في الركابِ، فقلنا
- راهبٌ طاف في الأَناجيل يَقرا
- هو لحنٌ مضيَّعٌ، لا جواباً
- قد عرفنا له، ولا مستقرا
- لك في طيِّهِ حديثُ غرامٍ
- ظلَّ في خاطر الملحنِ سرَّا
- قد بعثنا تحيَّة ً وثناءً
- لكَ يا أرفعَ الزواخر ذكرا
- وغشيناكَ ساعة ً تنبشُ الما
- ضي نبشاً، وتقتلُ الأمسَ فكرا
- وفتحنا القديمَ فيك كتاباً
- وقرأنا الكتابَ سطراً فسطرا
- ونشرنا من طيهنَّ الليالي
- فلَمَحنا من الحضارة ِ فَجْرا
- ورأَينا مصراً تُعلِّمُ يونا
- نَ، ويونانَ تقبِسُ العلمَ مصرا
- تِلكَ تأْتيكَ بالبيانِ نبيّاً
- عبقرياً، وتلك بالفنّ سحرا
- ورأَينا المنارَ في مطلع النَّجْـ
- ـمِ على برقِهِ المُلَمَّحِ يُسرى
- شاطىء ٌ مثلُ رُقعة ِ الخُلدِ حُسناً
- وأديمِ الشبابِ طيباً وبشرا
- جرَّ فيروزجاً على فضة ِ الما
- ءِ، وجرَّ الأصيلُ والصبح تبرا
- كلما جئتهُ تهلل بشراً
- من جميع الجهاتِ، وافترَّ ثغرا
- انثنى موجة ً، وأقبلَ يرخي
- كِلَّة ً تارة ً ويَرفعُ سِترا
- شبَّ وانحطَّ مثلَ أَسرابِ طيرٍ
- ماضياتٍ تلفُّ بالسهلِ وعرا
- رُبما جاءَ وَهْدَة ً فتردَّى
- في المهاوي، وقامَ يطفرُ صخرا
- وترى الرملَ والقصورَ كأيكٍ
- ركب الوكرُ في نواحيهِ وكرا
- وتَرى جَوْسَقاً يُزَيِّنُ رَوْضاً
- وترى رَبوة ً تزيِّنُ مصرا
- سَيِّدَ الماءِ، كم لنا من صلاحٍ
- و عليٍّ وراءَ مائكَ ذِكرى !
- كم مَلأْناكَ بالسَّفينِ مَواقِيـ
- ـرَ كشُمِّ الجبالِ جُنداً ووَفرا!
- شاكياتِ السلاحِ يخرجنَ من مصـ
- ـرٍ بملومة ٍ، ويدخلن مصرا
- شارعاتِ الجناحِ في ثَبَجِ الما
- ءِ كنسرٍ يشدُّ في السحب نسرا
- وكأَنّ اللُّجاجَ حينَ تنَزَّى
- وتسدُّ الفجاجَ كرَّا وفرَّا
- أجمٌ بعضُهُ لبعضٍ عدوٌّ
- زَحَفَتْ غابة ٌ لتمزيق أُخرَى !
- قذفتْ ههنا زئيراً وناباً
- ورَمَت ههنا عُواء وظُفرا
- أنتَ تغلي إلى القيامة ِ كالقدْ
- رِ، فلا حطَّ يومها لكَ قدرا
المزيد...
العصور الأدبيه