الأدب العربى >> الشعر >> العصر الحديث و المعاصر >> أبو القاسم الشابي >> قضَّيتُ أدْوارَ الحياة ِ، مُفَكِّراً >>
قصائدأبو القاسم الشابي
قضَّيتُ أدْوارَ الحياة ِ، مُفَكِّراً
أبو القاسم الشابي
- قضَّيتُ أدْوارَ الحياة ِ، مُفَكِّراً
- في الكَائِناتِ، مُعَذَّباً، مَهْمُوما
- فَوَجَدْتُ أعراسَ الوُجود مآتماً
- ووجدتُ فِرْدَوسَ الزَّمانِ جَحيمَا
- تَدْوي مَخَارِمُهُ بِضَجَّة ِ صَرْصَرٍ،
- مشبوبَة ٍ، تَذَرُ الجيالُ هشيمَا
- وحضرتُ مائدة َ الحياة ، فلم أجدْ
- إلاّ شراباً، آجناً، مسموماً
- وَنَفضْتُ أعماقَ الفَضَاءِ، فَلَمْ أجِدْ
- إلا سكوناً، مُتْعَباً محمومَا
- تتبخَّرُ الأَعْمارُ في جَنَباتِهِ
- وتموتُ أشواقُ النّفوس وَجومَا
- ولمستُ أوتارَ الدهور، فلم تُفِضْ
- إلا أنيناً، دامياً، مَكْلُوما
- يَتْلُو أقاصيصَ التَّعاسة ِ والأسى
- ويصيرُ أفراح الحياة همومَا
- شُرِّدْتُ عنن وَطَنِي السَّماويِّ الذي
- ما كانَ يوْماً واجمَا، مغمومَا
- شُرِّدْتُ عَنْ وطني الجميل.. أنا الشَّقِـ
- شقيّ، فعشت مشطورَ الفؤاد، يتيمَا..
- في غُربة ٍ، رُوحيَّة ٍ، مَلْعُونة ٍ
- أشواقُها تَقْضِي، عِطاشاً، هِيما...
- يا غُربة َ الرُّوحِ المفكِّر إنّه
- في النَّاسِ يحيا، سَائماً، مَسْؤُوما
- شُرِّدتُ لِلدنيا.. وَكُلٌّ تائهٌ
- فيها يُرَوِّعُ رَاحلاً ومقيما
- يدعو الحياة ، فلا يُجيبُ سوى الرَّدى
- ليدُسَّهُ تَحْتَ التُّرابِ رَميما
- وَتَظَلُّ سَائِرة ً، كأنّ فقيدها
- ما كان يوماً صاحباً وحميمَا
- يا أيُّها السّاري! لقد طال السُّرى
- حَتَّام تَرْقُبُ في الظَّلامِ نُجُوما..؟
- أتخالُ في الوادي البعيدِ المُرْتَجى ؟
- هيهاتَ! لَنْ تَلْقى هناكَ مَرُوما
- سرْ ما اسْتَطَعْتَ، فَسَوْفَ تُلقي ـ مثلما
- خلَّفتَ ـ مَمشُوقَ الغُصونِ حَطِيما
المزيد...
العصور الأدبيه