الأدب العربى >> الشعر >> العصر الحديث و المعاصر >> أبو القاسم الشابي >> غَنَّاهْ الأَمْسُ، وأَطْرَبَهُ >>
قصائدأبو القاسم الشابي
- غَنَّاهْ الأَمْسُ، وأَطْرَبَهُ
- وشجاه اليومُ، فما غدُهُ؟
- قَدْ كان له قلبٌ، كالطِّفْلِ،
- يدُ الأحلامِ تُهَدْهِدُهُ
- مُذْ كان له مَلَكُ في الكون
- جميلُ الطَلعَة ، يعبدُه
- في جَوْفِ اللَّيلِ، يُنَاجيهِ
- وَأَمَامَ الفَجْرِ، يُمَجِّدُهُ
- وعلى الهضباتِ، يغنِّيه
- آيات الحبّ، ويُنشدُهُ
- تَمْشي في الغابِ فَتَتْبعه
- أَفَراحُ الحُبِّ، وَتَنْشُدُهُ
- ويرى الافاقَ فيبصرها
- زُمراً في النَّور، تُراصدهُ
- ويرى الأطيارَ، فيحسبُها
- أحلام الحُبِّ تغرِّدهُ
- ويرى الأزهارَ، فيحسبها
- بسَماتِ الحُبّ توادِدُهُ
- فَيَخَالُ الكونَ يناجيهِ!
- وجمالَ العاَلمِ يُسعدُه!
- ونجومَ الليل تضاحكُهُ!
- ونسيمَ الغابَ يطاردُهُ!
- ويخال الوردَ يداعبهُ
- فرِحاً، فتعابثه يدُهُ!..
- ويرى الينبوعَ، ونَضرتَه،
- ونسيمُ الصُّبح يجعِّدهُ
- وخريرُ الماء له نغَمٌ
- نسماتُ الغاب تردّدهُ
- ويرى الأعشابَ وقد سمقَت
- بينَ الأشجارِ تشاهدهُ
- ونطافُ الطلِّ تُنَمِّقُها
- فيجل الحبَّ ويحمدهُ
- ياللأيام! فكم سَرَّت
- قلْباً في النّاسِ لِتُكْمِدَهُ
- هي مثل العاهر، عاشقها
- تسقيه الخمر..، وتطردُهُ!
- يعطيكَ اليومُ حلاوتَها
- كالشَّهْدِ، لَيَسْلُبَهَا غَدُهُ!
- بالأمسِ يعانقُها فرحاً
- ويضاجعُها، فتُوسِّدُهُ
- واليومَ، يُسايرُها شَبَحاً
- أضناه الحُزنُ، ونكَّدُهُ
- يتلو في الغَابِ مَرَاثِيَه
- وجذوعُ السَّروِ تساندُهُ
- ويماشي الّناسِ، وما أحدٌ
- منهم يُشجيه تفرُّدُهُ
- في ليل الوَحْشَة ِ مسْراهُ
- وَبِكَهْفِ الوَحْدَة ِ مرقَدُهُ
- أصواتُ الأمسِ تُعَذِّبه
- وخيالُ الموتِ يُهَدِّدُهُ
- بالأمسِ، له شفَقٌ في الكونِ
- ُيضئُ الأفقَ تورُّدُهُ
- واليومَ لقد غشَّاه الليلُ
- غنَّاه الأمسُ وَأَطْرَبَهُ
- وشجاه اليومُ، فما غدهُ؟
المزيد...
العصور الأدبيه