الأدب العربى >> الشعر >> العصر الجاهلي >> زهير بن ابي سلمى >> هم خير حي من معد >>
قصائدزهير بن ابي سلمى
- صَحا القلبُ عن سلمى وقد كاد لا يسلو
- وَأقْفَرَ من سَلمى التّعانيقُ فالثّقْلُ
- وقد كنتُ مِن سَلمَى سِنينَ ثَمانياً
- على صِيرِ أمْرٍ ما يُمِرّ وما يَحْلُو
- وكنتُ إذا ما جِئتُ يَوْماً لحاجَةٍ
- مضَتْ وأجَمّتْ حاجةُ الغدِ ما تخلو
- وكُلُّ مُحِبٍّ أحْدَثَ النّأيُ عِندَهُ
- سُلُوَّ فُؤادٍ غَيرَ حُبّكَ ما يَسلُو
- تَأوّبَي ذِكْرُ الأحِبّةِ بَعدَما
- هَجعتُ ودوني قُلّةُ الحَزْن فالرّمْلُ
- فأقسَمْتُ جَهداً بالمَنازِلِ من مِنًى
- وما سُحِقَتْ فيهِ المَقادِمُ والقَمْلُ
- لأرْتَحِلَنْ بالفَجْرِ ثمّ لأدأبَنْ
- إلى اللَّيْلِ إلاّ أنْ يُعْرّجَني طِفْلُ
- إلى مَعشَرٍ لم يُورِثِ اللّؤمَ جَدُّهُمْ
- أصاغِرَهمْ، وكلُّ فَحلٍ لـه نَجْلُ
- تَرَبّصْ، فإنْ تُقْوِ المَرَوْرَاتُ مِنهُمُ
- وداراتُها لا تُقْوِ مِنْهُمْ إذاً نخْلُ
- فإنْ تُقْوِيَا مِنْهُمْ فإنّ مُحَجَّراً
- وجِزْعَ الحِسا منهُمْ إذا قَلّ ما يخلو
- بلادٌ بها نادَمْتُهُمْ وألِفْتُهُمْ،
- فإنْ تُقْوِيَا مِنْهُمْ فإنّهُما بَسْلُ
- إذا فَزِعُوا طاروا إلى مُسْتَغيثِهِمْ
- طِوالَ الرّماحِ لا ضِعافٌ ولا عُزْلُ
- بِخَيْلٍ عَلَيْها جِنّةٌ عَبْقَرِيّةٌ
- جَديرونَ يَوْماً أن يَنالُوا فيَستَعلُوا
- وإنْ يُقْتَلُوا فيُشْتَفَى بدِمائِهِمْ
- وكانُوا قَديماً مِنْ مَنَاياهُمُ القَتلُ
- عَلَيها أُسُودٌ ضارِياتٌ لَبُوسُهُمْ
- سَوَابِغُ بِيضٌ لا تُخَرّقُها النَّبْلُ
- إذا لَقِحَتْ حَرْبٌ عَوَانٌ مُضِرّةٌ
- ضَرُوسٌ تُهِرّ النّاسَ أنيابُها عُصْلُ
- قُضاعِيّةٌ أوْ أُخْتُها مُضَرِيّةٌ
- يُحَرَّقُ في حافاتِها الحَطَبُ الجَزْلُ
- تَجِدْهُمْ على ما خَيّلَتْ همْ إزاءها
- وَإنْ أفسَدَ المالَ الجماعاتُ والأزْلُ
- يَحُشّونَها بالمَشْرَفِيّةِ والقنَا
- وَفِتيانِ صِدْقٍ لا ضِعافٌ ولا نُكلُ
- تِهامونَ نَجْدِيّونَ كَيْداً ونُجعَةً
- لكُلّ أُناسٍ مِنْ وَقائِعهمْ سَجْلُ
- هُمُ ضَرَبُوا عَن فَرْجِها بكَتيبَةٍ
- كَبَيضاءِ حَرْسٍ في طَوائفِها الرَّجلُ
- مَتى يَشتَجرْ قوْمٌ تقُلْ سرَواتُهُمْ:
- هُمُ بَيْنَنا فهُمْ رِضًى وَهُمُ عدْلُ
- هُمُ جَرّدوا أحكامَ كلّ مُضِلّةٍ
- منَ العُقْمِ لا يُلْفى لأمثالِها فَصْلُ
- بعَزْمَةِ مَأمُورٍ مُطيعٍ وآمِرٍ
- مُطاعٍ فلا يُلفَى لِحزْمِهمُ مِثْلُ
- وَلَسْتُ بِلاقٍ بالحِجازِ مُجاوِراً
- وَلا سَفَراً إلاّ لَهُ منهُمُ حَبْلُ
- بلادٌ بهَا عَزّوا مَعَدّاً وغَيْرَهَا،
- مَشارِبُها عذْبٌ وأعلامُها ثَمْلُ
- هُمُ خَيرُ حيّ من مَعَدٍّ عَلِمتُهُمْ،
- لـهُمْ نائِلٌ في قَوْمِهمْ ولـهُمْ فضْلُ
- فَرِحْتُ بما خُبّرْتُ عن سيّدَيكُمُ
- وكانَا امرأينِ كلُّ أمرِهِما يَعْلُو
- رَأى اللَّهُ بالإحْسانِ ما فَعَلا بِكُمْ
- فأبْلاهُما خَيرَ البَلاءِ الذي يَبْلُو
- تَدارَكْتُما الأحلافَ قد ثُلّ عَرْشُها
- وذُبْيانَ قد زَلّتْ بأقْدامِها النّعْلُ
- فأصْبَحتُما منهَا على خَيرِ مَوْطِنٍ
- سَبيلُكُما فيهِ، وإن أحزَنوا، سَهلُ
- إذا السّنَةُ الشّهباءُ بالنّاسِ أجحَفَتْ
- وَنالَ كِرامَ المالِ في الجَحرَة الأكلُ
- رَأيتُ ذَوي الحاجاتِ حوْلَ بُيوتِهِمْ
- قَطيناً بها، حتى إذا نَبَتَ البَقْلُ
- هُنالِك إن يُستَخبَلوا المالَ يُخْبِلوا،
- وإن يُسألوا يُعطوا وإن يَيسرُوا يُغلوا
- وفيهِمْ مَقاماتٌ حِسانٌ وُجوهُهُمْ
- وأنْدِيَةٌ يَنتابُها القَوْلُ والفِعْلُ
- على مُكْثِريهِمْ رِزْقُ مَن يَعتريهمُ،
- وعندَ المُقِلّينَ السّماحةُ والبَذْلُ
- وإنْ جِئْتَهُمْ ألفَيتَ حوْلَ بيوتهمْ
- مجَالسَ قد يُشفَى بأحلامِها الجَهلُ
- وإنْ قامَ فيهِمْ حامِلٌ قال قاعِدٌ:
- رَشَدْتَ فلا غُرْمٌ عليكَ وَلا خَذْلُ
- سعَى بعدَهُمْ قوْمٌ لكيْ يُدرِكوهُمُ
- فلَمْ يَفعَلُوا ولم يُليموا ولم يألُوا
- وما يَكُ مِنْ خَيرٍ أتَوْهُ فإنّمَا
- تَوَارَثَهُمْ آبَاءُ آبَائِهِمْ قَبْلُ
- وهَلْ يُنْبِتُ الخطّيَّ إلاّ وَشِيجُهُ،
- وتُغرَسُ، إلاّ في مَنابِتِها، النّخْلُ
المزيد...
العصور الأدبيه