الأدب العربى >> الشعر >> العصر الجاهلي >> النابغة الذبياني >> على حين عاتبت المسيب >>
قصائدالنابغة الذبياني
- عفا ذو حُساً مِنْ فَرْتَنى، فالفوارعُ،
- فجَنْبَا أريكٍ، فالتّلاعُ الدّوافِعُ
- فمُجتَمَعُ الأشراجِ غَيّرَ رَسْمهَا
- مصايفُ مَرّتْ، بَعدَنا، ومرابِعُ
- توَهّمْتُ آياتٍ لـها، فَعَرَفْتُها
- لِسِتّةِ أعْوامٍ، وذا العامُ سابِعُ
- رَمادٌ ككُحْلَ العينِ لأياً أُبينُهُ،
- ونُؤيٌ كجَذْامِ الحَوْض أثلمُ خاشعُ
- كأنّ مَجَرّ الرّامِساتِ ذُيُولَها،
- عليه، حَصيرٌ، نَمّقَتْهُ الصّوانِعُ
- على ظَهْرِ مِبْنَاةٍ جَديدٍ سُيُورُها،
- يَطوفُ بها، وسْط اللّطيمةِ، بائِع
- فكَفْكفْتُ مني عَبْرَةً، فرَدَدتُها
- على النّحرِ، منها مُستَهِلٌّ ودامِعُ
- على حينَ عاتبتُ المَشيبَ على الصِّبا،
- وقلتُ: ألَمّا أصْحُ والشّيبُ وازعُ؟
- وقد حالَ هَمٌ، دونَ ذلكَ، شاغلٌ
- مكان الشّغافِ، تَبْتَغيهِ الأصابِعُ
- وعيدُ أبي قابوسَ، في غيرِ كُنهِهِ،
- أتاني، ودوني راكسٌ، فالضواجِعُ
- فَبِتُّ كأنّي ساوَرَتْني ضَئيلَةٌ
- من الرُّقْشِ، في أنيابِها السُّمُّ ناقِعُ
- يُسَهَّدُ، من لَيلِ التّمامِ، سَليمُها،
- لِحَلْيِ النّساءِ، في يديهِ، قعاقِعُ
- تناذرَها الرّاقُون مِنْ سُمّها،
- تُطلّقُهُ طَورا، وطَوراً تُراجِعُ
- أتاني، أبَيْتَ اللّعْنَ، أنّكَ لُمتَني،
- وتِلكَ التي تَسْتَكّ منها الَمسامِعُ
- مَقالةُ أنْ قد قلت: سوفَ أنالُهُ،
- وذلك، من تِلقاءِ مِثْلِكَ، رائِعُ
- لَعَمْري، وما عُمْري عليّ بهَيّنٍ،
- لقد نَطقَتْ بُطْلاً عليّ الأقارِعُ
- أقارِعُ عَوْفٍ، لا أحاوِلُ غيرَها،
- وُجُوهُ قُرُودٍ، تَبتَغي منَ تجادِعُ
- أتاكَ امرُؤٌ مُسْتَبْطِنٌ ليَ بِغْضَةً،
- لـه من عَدُوٍّ، مثل ذلك، شافِعُ
- أتاكَ بقَوْلٍ هلـهلِ النّسجِ، كاذبٍ،
- ولم يأتِ بالحَقّ، الذي هو ناصِعُ
- أتاكَ بقَوْلٍ لم أكُنْ لأقولَهُ،
- ولو كُبِلَتْ في ساعِدَيّ الجَوامِعُ
- حلَفْتُ، فلم أترُكْ لنَفسِكَ رِيبةً،
- وهلْ يأثمَنْ ذو أُمةٍ، وهوَ طائِعُ؟
- بمُصْطَحِباتٍ مِنْ لَصافٍ وثَبْرَةٍ،
- يَزُرْنَ إلالاً، سَيْرُهُنّ التّدافُعُ
- سَماماً تُباري الرّيحَ، خُوصاً عُيونُها،
- لَهُنّ رَذايا، بالطّريقِ، ودائِعُ
- عليهِنّ شُعْثٌ عامِدونِ لحَجّهِمْ،
- فهنّ، كأطرافِ الحَنيّ، خواضِعُ
- لكَلّفْتَني ذنْبَ امرىءٍ، وترَكْتَه،
- كذي العُرّ يُكوَى غيرُهُ، وهو راتعُ
- فإن كنتُ، لا ذو الضِّغنِ عني مكذَّبٌ،
- ولا حَلفِي على البراءَةِ نافِعُ
- ولا أنا مأمُونٌ بشيءٍ أقُولُهُ،
- وأنتَ بأمْرٍ، لا مَحالَةَ، واقِعُ
- فإنّكَ كاللّيلِ الذي هو مُدْرِكي،
- وإنْ خِلْتُ أنّ المُنتأى عنك واسِعُ
- خطَاطيفُ حُجْنٌ في حِبالٍ مَتينَةٍ،
- تَمُدّ بها أيْدٍ إليكَ نَوازِعُ
- أتُوعِدُ عبداً لم يَخُنْكَ أمانَةً،
- وتُركُ عَبداً ظالِماً، وهوَ ظالِعُ؟
- وأنتَ ربيعٌ يُنعِشُ النّاسَ سَيبُهُ،
- وسيفٌ، أُعِيَرتْهُ المنيّةُ، قاطِعُ
- أبَى اللَّهُ إلاّ عَدْلَهُ وَوَفاءهُ،
- فلا النّكرُ مَعروفٌ ولا العُرْفُ ضائعُ
- وتُسقى، إذا ما شئتَ، غيرَ مُصَرَّدٍ،
- بزَوراءَ، في حافاتِها المِسكُ كانِعُ
المزيد...
العصور الأدبيه