الأدب العربى >> الشعر >> العصر الجاهلي >> النابغة الذبياني >> أمن آل مية >>
قصائدالنابغة الذبياني
- أمِنَ آلِ مَيّةَ رائحٌ، أو مُغْتَدِ،
- عَجْلانَ، ذا زادٍ، وغيرَ مُزَوَّدِ
- أَفِدَ التّرَحّلُ، غير أنّ ركابنا
- لمّا تَزُلْ برِحالِنا، وكأنْ قَدِ
- زَعَمَ البَوارِحُ أنّ رِحْلَتَنا غَداً،
- وبذاكَ خَبّرَنَا الغُدافُ الأسوَدُ
- لا مَرحباً بغَدٍ، ولا أهلاً بِهِ،
- إنّ كانَ تَفريقُ الأحبّةِ في غَدِ
- حانَ الرّحيلُ، ولم تُوَدِّعْ مهدَداً،
- والصّبْحُ والإمساءُ منها مَوْعِدي
- في إثْرِ غانِيَةٍ رَمَتْكَ بسَهَمِها،
- فأصابَ قلبَك، غير أنْ لم تُقْصِدِ
- غَنِيَتْ بذلك، إذ هُمُ لكَ جيرَةٌ،
- منها بعَطْفِ رسالَةٍ وتَوَدُّدِ
- ولقد أصابَتْ قَلبَهُ مِنْ حُبّهَا،
- عن ظَهْرِ مِرْنانٍ، بسَهمٍ مُصردِ
- نَظَرَتْ بمُقْلَةِ شادِنٍ مُتَرَبِّبٍ
- أحوى، أحَمِّ المُقلَتَينِ، مُقُلَّدِ
- والنّظْمُ في سِلكٍ يَزَيّنُ نَحْرَها،
- ذهبٌ توقَّدُ، كالشّهابِ المُوقَدِ
- صَفراءُ كالسِّيرَاءِ، أكْمِلَ خَلقُها
- كالغُصنِ، في غُلَوائِهِ، المتأوِّدِ
- والبَطنُ ذو عُكَنٍ، لطيفٌ طَيّهُ،
- والإتْبُ تَنْفُجُهُ بثَدْيٍ مُقْعَدِ
- محطُوطَةُ المتنَينِ، غيرُ مُفاضَةٍ،
- ريّا الرّوادِفِ، بَضّةُ المتَجرَّدِ
- قامتْ تراءى بينَ سَجْفَيْ كِلّةٍ،
- كالشّمسِ يومَ طُلُوعِها بالأسعُدِ
- أوْ دُرّةٍ صَدَفِيّةٍ غوّاصُها
- بَهِجٌ، متى يَرَها يُهِلّ ويَسجُدِ
- أو دُميَةٍ مِنْ مَرْمَرٍ، مرفوعةٍ،
- بُنِيَتْ بآجُرٍّ، تُشادُ، وقَرمَدِ
- سَقَطَ النّصيفُ، ولم تُرِدْ إسقاطَهُ،
- فتَناوَلتَهُ، واتّقَتَنْا باليَدِ
- بمُخَضَّبٍ رَخْصٍ، كأنّ بنانَهُ
- عَنَمٌ، يكادُ منَ اللّطافَةِ يُعقَدُ
- نظرَتْ إليك بحاجةٍ لم تَقْضِها،
- نَظَرَ السّقيمِ إلى وُجُوهِ العُوَّدِ
- تَجْلُو بقادِمَتَيْ حَمامة أيكَةٍ،
- بَرَداً أُسِفّ لِثاتُهُ بالإثمِدِ
- كالأقحوانِ، غَداةَ غِبّ سَمائِه،
- جَفّتْ أعاليهِ، وأسْفَلُهُ نَدي
- زَعَمَ الـهُمامُ بأنّ فاها بارِدٌ،
- عَذْبٌ مُقَبَّلُهُ، شَهِيُّ الموردِ
- زَعَمَ الـهُمامُ، ولم أذُقْهُ، أنّهُ
- عَذْبٌ، إذا ما ذُقتَهُ قلتَ: ازددِ
- زَعَمَ الـهُمامُ، ولم أذُقْهُ، أنّهُ
- يُشفَى، برَيّا ريقِها، العطِشُ الصّدي
- أخذ العذارى عِقدَها، فنَظَمْنَهُ،
- مِن لُؤلُؤٍ مُتتابِعٍ، مُتَسَرِّدِ
- لو أنّها عَرَضَتْ لأشْمَطَ راهِبٍ،
- عَبَدَ الإلَهَ، صَرورةٍ مُتَعَبِّدِ
- لرَنا لبهجَتِها، وحُسنِ حَديثِها،
- ولَخالَهُ رُشْداً وإنْ لم يرْشُدِ
- بتَكَلّمٍ، لو تَستَطيعُ سَماعَهُ،
- لدنَتْ لـهُ أروَى الـهِضابِ الصُّخَّدِ
- وبفاحِمٍ رِجْلٍ، أثيثٍ نَبْتُهُ،
- كالكَرْمِ مالَ على الدِّعامِ المُسْنَدِ
- فإذا لَمستَ لمستَ أجْثَمَ جاثِماً،
- مُتَحَيّزاً بمَكانِهِ، مِلْءَ اليَدِ
- وإذا طَعنَتَ طعَنتَ في مُستَهدِفٍ،
- رابي الَمجَسّةِ، بالعَبيرِ مُقَرْمَدِ
- وإذا نزَعتَ نزَعتَ عن مُستَحصِفٍ
- نَزّعَ الحَزَوَّرِ بالرّشاءِ المُحْصَدِ
- وإذا يَعَضّ تشُدّهُ أعضاؤهُ،
- عضّ الكَبيرِ مِنَ الرّجالِ الأدردِ
- ويكادُ ينزِعُ جِلدَ مَنْ يُصْلى به
- بلوافحٍ، مثلِ السّعيرِ المُوقَدِ
- لا وارِدٌ منها يَحُورُ لَمصدَرٍ
- عنها ولا صَدِرٌ يَحُورُ لَموْرِدِ
المزيد...
العصور الأدبيه