الأدب العربى >> الشعر >> العصر الاسلامي >> كثير عزة >> لعزّة أطلالٌ أبتْ أنْ تكلّما >>
قصائدكثير عزة
لعزّة أطلالٌ أبتْ أنْ تكلّما
كثير عزة
- لعزّة أطلالٌ أبتْ أنْ تكلّما
- تهيجُ مغانيها الطَّروبَ المتيَّما
- كأنَّ الرّياحَ الذّارياتِ عشيّة ً
- بأطْلالها يَنْسِجنَ رَيْطاً مُسهَّما
- أَبَتْ وأَبَى وَجْدِي بِعَزَّة َ إذْ نَأْتْ
- على عدواءِ الدَّارِ أنْ يتصرَّما
- ولكنْ سقى صوبُ الرّبيعِ إذا أتى
- على قَلَهيَّ الدَّارِ والمُتَخَيَّما
- بغادٍ من الوسميِّ لمّا تصوَّبتْ
- عثانينُ واديهِ على القعرِ ديِّما
- سقى الكُدرَ فاللَّعباءَ فالبُرقَ فالحمى
- فلوذَ الحصى من تغلمينِ فأظلَما
- فأروى جنوبَ الدَّونكينِ فضاجعاً
- فدرَّ فأبلى صادقَ الوبلِ أسحما
- تثُجُّ رواياهُ إذا الرَّعدُ زجَّها
- بشابة َ فالقُهبِ المزادَ المُحذلما
- فأصبح من يرعى الحمى وجنوبَهُ
- بذي أَفَقٍ مُكّاؤهُ قد تَرَنَّما
- دِيَارٌ عَفَتْ مِنْ عَزَّة َ الصَّيْفَ بعدما
- تُجدُّ عليهنَّ الوشيعَ المثمّما
- فإنْ أَنْجَدَتْ كان الهوى بكَ مُنجداً
- وإنْ أتْهَمَتْ يوماً بها الدَّارُ أتْهما
- أجدَّ الصِّبا واللّهوُ أن يتصرّما
- وأنْ يعقباكَ الشَّيبَ والحلمَ منهُما
- لَبِسْتَ الصِّبَا واللَّهْوَ حتَّى إذا انقضى
- جَدِيدُ الصِّبَا واللّهوِ أعرضت عنهما
- خليلينِ كانا صاحبيكَ فودّعا
- فخذْ منهما ما نوَّلاكَ ودعهُما
- على أنَّ في قلبي لِعزَّة وَقْرَة ً
- مِنَ الحُبِّ ما تَزْدَادُ إلا تتيُّما
- يطالبُها مستيقناً لا تثيبُهُ
- ولكن يُسلّي النّفسَ كي لا يلوَّما
- يَهَابُ الَّذي لم يُؤْتَ حلماً كلامَها
- وإنْ كان ذا حلمٍ لديها تحلَّما
- تَرُوكٌ لِسِقْطِ القَوْلِ لا يُهتَدَى به
- ولا هيَ تستوصى الحديثَ المُكتَّما
- وَيَحْسَبُ نسْوانٌ لهنَّ وسيلة ً
- من الحُبّ، لا بَلْ حُبُّها كان أقدما
- وعُلّقْتُها وَسْطَ الجواري غَرِيرَة ً
- وما قُلّدَتْ إلا التّميمَ المنظَّما
- غيوفُ القذى تأبى فلا تعرفُ الخنا
- وترمي بعينيها إلى مَنْ تَكَرَّما
- إلى أن دعتْ بالدَّرعِ قبلَ لداتِها
- وعادتْ تُرى منهنَّ أبهى وأفخما
- وغالَ فضولَ الدَّرع ذي العرضِ خلقُها
- وَأَتْعَبَتِ الحجْلَينِ حتَّى تقَصَّما
- وكظّتْ سواريْها فلمْ يألُوانِها
- لدنْ جاورا الكفّينِ أنْ يتقدّما
- وتُدني على المتنينِ وحفاً كأنّهُ
- عَنَاقِيدُ كَرْمٍ قد تَدَلّى فأنعما
- من الهيفِ لا تخزى إذا الرّيحُ ألصقتْ
- على متنِها ذا الطُرَّتين المنَمنما
- وكنتُ إذا ما جئتُها بعدَ هجرة ٍ
- تقاصرَ يومئذٍ نهاري وأغيما
- فأقسمتُ لا أنسى لعزَّة َ نظرة ً
- لها كدتُ أُبدي الوجد منّي المجمجِما
- عَشِيَّة َ أوْمتْ، والعيونُ حواضِرٌ
- إليَّ برجعِ الكفِّ أنْ لا تكلَّما
- فأعرضتُ عنها والفؤادُ كأنّما
- يرى لو تناديهِ بذلك مغنما
- فإنّكَ -عمري- هل أريكَ ظعائناً
- بصحنِ الشَّبا كالدَّومِ من بطنِ تريما
- نَظَرْتُ إليها وَهْيَ تَنْضُو وَتَكْتَسِي
- من القفرِ آلاً كلَّما زالَ أقتَما
- وقد جعلَتْ أشجانَ بركٍ يمينَها
- وَذَاتَ الشّمَالِ مِنْ مُريخة َ أشْأما
- مولِّية ً أيسارها قطنَ الحمى
- تواعدنَ شرباً من حمامة َ مُعلما
- نَظَرْتُ إليها وهيَ تُحْدى عشيّة ً
- فأتبعتُهمْ طرفيَّ حتّى تتمّما
- تروعُ بأكنافِ الأفاهيدِ عيرُها
- نعاماً وحقباً بالفدافدِ صيّما
- ظَعَائِنُ يَشْفِينَ السَّقِيمَ مِنَ الجَوَى
- بهِ يُخبِّلنَ الصّحيحَ المُسلَّما
- يُهِنَّ المُنَقَّى عِنْدَهُنَّ من القَذَى
- ويُكْرِمْنَ ذا القاذورة ِ المتكرِّما
- وكنتُ إذا ما جئتُ أجللنَ مجلسي
- وأبدين منّي هيبة ً لا تجهُّما
- يُحَاذِرْنَ مِنّي غَيْرَة ً قد عَلِمْنها
- قديماً فما يَضْحَكْنَ إلاَّ تبسُّما
- يُكَلّلنَ حَدَّ الطَّرفِ عن ذي مهابة ٍ
- أبانَ أولاتِ الدَّلِّ لمّا توسَّما
- تَرَاهُنَّ إلاَّ أنْ يؤدّينَ نظرَة ً
- بمؤخِرِ عَيْنٍ أو يُقلِّبْنَ مِعْصَمَا
- كواظمَ لا ينظقنَ إلاّ محورة ً
- رجيعة َ قولٍ بعدَ أنْ يُتفهَّما
- وَكُنَّ إذا ما قُلْنَ شيئاً يسُرُّهُ
- أَسَرَّ الرِّضا في نفسه وتجرّما
- فأَقْصَرَ عن ذاك الهَوَى غيرَ أنَّهُ
- إذا ذُكِرَتْ أَسْمَاءُ عَاجَ مُسلِّما
المزيد...
العصور الأدبيه