الأدب العربى >> الشعر >> العصر الاسلامي >> كثير عزة >> غشيتُ لليلى بالبَرودِ مساكناً >>
قصائدكثير عزة
غشيتُ لليلى بالبَرودِ مساكناً
كثير عزة
- غشيتُ لليلى بالبَرودِ مساكناً
- تَقَادَمْنَ فاستَنَّتْ عليها الأَعَاصِرُ
- وأوْحَشْنَ بَعْدَ الحيِّ إلاّ مَسَاكِناً
- يُرينَ حديثاتٍ وهنَّ دواثرُ
- وكانتْ إذا أخلتْ وأمرعَ ربعُها
- يكونُ عليها من صديقكَ حاضرُ
- فَقَدْ خَفَّ منها الحيُّ بَعْدَ إقَامَة ٍ
- فَمَا إنْ بها إلاّ الرِّياحُ العَوائِرُ
- كأَنْ لَم يُدَمِّنْهَا أنيسٌ وَلَمْ يَكُنْ
- لها بَعْدَ أيَّامِ الهِدَمْلَة ِ عَامِرُ
- وَلَمْ يَعْتَلِجْ في حَاضِرٍ مُتَجَاورٍ
- قفا الغَضْيِ مِنْ وَادِي العُشَيرَة ِ سَامِرُ
- سَقَى أُمَّ كُلثُومٍ على نأي دَارِها
- وَنِسْوَتَها جَوْنُ الحَيَا ثُمَّ بَاكرُ
- أحمُّ رجوفٌ مستهلٌّ ربابهُ
- لَهُ فِرَقٌ مُسحَنْفراتٌ صَوَادِرُ
- تَصَعَّدَ في الأَحْنَاءِ ذُو عَجْرَفِيَّة ٍ
- أحمُّ حبركى مُرجفٌ متماطرُ
- وأعرضَ من ذَهبانَ مُعرورِفَ الذُّرى
- تَرَيَّعُ منهُ بالنِّطافِ الحَوَاجِرُ
- أقامَ على جُمدانَ يوماً وليلة ً
- فجمدانُ منهُ مائلٌ متقاصرُ
- وَعَرَّسَ بالسَّكْرَانِ يَوْمَيْنِ وارتَكَى
- يجرُّ كما جرَّ المكيثُ المسافرُ
- بذي هيدبٍ جونٍ تنجِّزُهُ الصِّبا
- وتدفعهُ دفع الطَّلا وهوَ حاسرُ
- وَسُيّلَ أكنَافُ المَرَابِدِ غُدْوَة ً
- وسُيِّلَ منهُ ضاحكٌ والعواقرُ
- ومنُه بصَخْرِ المَحْوِ وَدْقُ غمامة ٍ
- لهُ سَبَلٌ واقْوَرَّ مِنْهُ الغَفائِرُ
- وطبَّقَ من نحوِ النَّجيل كأنّهُ
- بأَلْيَلَ لمّا خَلَّفَ النّخْلَ ذَامِرُ
- وَمَرَّ فأرْوَى يَنْبُعاً فَجُنُوبَهُ
- وقد جِيدَ منهُ جَيْدَة ٌ فَعَبَاثِرُ
- لَهُ شُعَبٌ مِنْها يَمَانٍ وَرَيِّقٌ
- شآمٍ وَنَجْدِيٌّ وآخَرُ غَائِرُ
- فلمّا دنا للاَّبَتَيْنِ تَقُودُهُ
- جَوافِلُ دُهْمٌ بالرَّبَابِ عَوَاجِرُ
- رسا بينَ سلع والعقيقِ وفارعٍ
- إلى أُحُدٍ للمزنِ فيهِ غشامرُ
- بِأَسْحَمَ زَحَّافٍ كَأَنَّ ارتجَازَهُ
- توعُّدُ أَجْمَالٍ لهُنَّ قَرَاقِرُ
- فأمْسى يَسُحُّ الماءَ فَوْقَ وُعَيْرَة ٍ
- لهُ بالِلّوى والوَادِيَيْنِ حَوَائِرُ
- فَأَقْلَعَ عَنْ عُشٍّ وأصْبَحَ مُزْنُهُ
- أَفاءً وآفاقُ السَّماءِ حَواسِرُ
- فكلُّ مسيلٍ من تهامة َ طيِّبٍ
- تَسِيلُ بِهِ مُسلَنطَحَاتٌ دَعَائِرُ
- تُقَلِّعُ عُمْرِيَّ العِضَاهِ كأَنَّها
- بِأَجْوَازِهِ أُسْدٌ لهُنَّ تَزَاؤرُ
- يُغادِرُ صَرْعَى من أَرَاكٍ وَتَنْضُبٍ
- وزرقاً بأثباجِ البحارِ يُغادرُ
- وكلُّ مسيلٍ غارتِ الشّمسُ فوقَهُ
- سَقِيُّ الثُّرَيَا بَيْنَهُ مُتجاوِرُ
- وما أُمُّ خِشْفٍ بالعَلاَيَة ِ شادِنٍ
- أصاعَ لها بانٌ من المردِ ناضرُ
- تَرَعّى بهِ البَرْدَيْنِ ثُمَّ مَقِيلُها
- ذُرَى سَلَمٍ تَأوِي إليها الجآذِرُ
- بأَحْسَنَ مِنْ أُمّ الحُوَيرثِ سُنّة ً
- عَشِيَّة َ دَمْعي مُسبِلٌ مُتبادِرُ
المزيد...
العصور الأدبيه